EWP
شاع في الآونة الأخيرة مصطلح الخيارات الثنائية، خاصة في عالم البورصة أو الفوركس، ولعلك كشخص مُسلم ترغب في معرفة هل تداول الخيارات الثنائية حلال أم حرام وحكمها في الشرع والدين، ولهذا في السطور القادمة سنُقدم تحليلًا شاملًا عن الخيارات الثنائية وموقف الإسلام والشرع منها سواء بالتحريم أو الإجازة.
ما المقصود بالخيارات الثنائية؟
قبل أن ننتقل مباشرةً للإجابة عن سؤال هل تداول الخيارات الثنائية حلال أم حرام، دعونا أولًا نُشرح ما هو المقصود بالخيارات الثنائية.
باختصار شديد فإن الخيارات الثنائية هي أحد المشتقات المالية في عالم الفوركس والتي يتم التداول فيها عبر منصات أو وسطاء التداول، حيث إن هذه الخيارات الثنائية تُمكّن المتداول من أن يعقد صفقة محددة بخيار واحد فقط، على سبيل المثال كأن يقوم بالمراهنة على أصلٍ ما إمّا بصعود الأصل، أو هبوطه خلال فترة زمنية يتم تحديدها.
ولعل الأمر الأكثر تميزًا بشأن الخيارات الثنائية هو أنه يمكن للمتداول أن يتداول على أي أصل مالي أو أي شيء دون أن يمتلك هذا الأصل أو الشئ، وهذه هي المصيدة والفخ الذي يقع فيها كل من يرغب في التداول أو الخيار السهل الذي يتخذه أي مُبتدئ في عالم الفوركس دون حتى أن يسأل نفسه هل تداول الخيارات الثنائية حلال أم حرام؟
هل تداول الخيارات الثنائية مضمون؟
دائمًا ما يتم التسويق للخيارات الثنائية على أنها الورقة الرابحة في عالم التداول مع ضمانات قوية بتحقيق الربح، حيث يستغل المُحتالين ميزة أن المتداول يراهن ويُضارب على السهم أو الأصل دون أن يشتريه أو يملكه، ثم يُوهم المتداول بأن الخيارات الثنائية هي الخيار الأضمن له لتحقيق الربح، مُدعيًا أن الخيارات الثنائية تمنحه خيارًا واحدًا إمّا بنعم أو لا.
لكن رغم كل هذا البريق حول الخيارات الثنائية إلا أنه قد تتسبب في أن يخسر المتداول كل أمواله، هذا لأنه يراهن أو يضارب على شيء بدون قاعدة أو طريقة مدروسة تجعله يأخذ قرارات فكل ما يفعله يُشبه ما يفعله المقامر حينما يقامر أو يراهن على فوز أو خسارة فريق ما في مباراة كرة القدم، أو كالذي يراهن على فوز حصان سباقٍ وخسارة آخر، كل هذه الأشياء لا أساس لها من المنطق أو التفكير العقلاني وتتم بطريقة عشوائية وبالتالي لا يمكن ضمان الربح فيها دائمًا وبتالي الخسارة واردة فيها خاصة أن المتداول يتداول عبر منصات أو وسيط تداول للخيارات الثنائية، مما يأخذنا إلى موثوقية المنصة أو الوسيط ومدى التلاعب الذي يمكن أن يتم فيها.
كيف تعمل الخيارات الثنائية؟
كما ذكرنا من قبل وكما هو معروف من اسم الخيارات الثنائية، فإن المُتداول يجد نفسه أمام خيارين يجب أن يتخذ إحداهما للمضاربة عليه. كأن يُضارب على سعر سهم معين إما بالصعود أو الهبوط خلال فترة زمنية معينة ويضع مبلغ مقابل هذه المضاربة أو الرهان، ثم بعد انتهاء المدة المحددة للرهان، إما أن يكون ربح رهانه أو خسر، لكن كيف تتم هذه العملية؟
تتم عملية التداول على الخيارات الثنائية من خلال وسيط أو منصات للتداول خاصة بالخيارات الثنائية، وهناك العديد من المنصات والوسطاء الذين يقدمون للمتداولين فرصة لتداول هذه الخيارات، حيث تتنافس كل هذه المنصات على جذب أكبر عدد من المتداولين لتجربة المنصة والتداول عليها مع وعود خيالية بالربح الوفير بل يؤكدون للمتداولين بضمان تحقيق الربح بنسبة 200% بل وأكثر من ذلك، وتجد الكثير منهم ينخدعون بمثل هذه الوعود، فمن المنطق أن الربح ليس مُطلق وأنهم ليسوا صادقين حتى ولو صدفوا، فالمبدأ في الأساس يقوم على المراهنة والتي تحتمل الصواب أو الخطأ، وبالتالي فكرة الربح المُطلق ليست مضمونة.
كيف تتم عملية التداول على منصات الخيارات الثنائية؟
يعتمد مبدأ عمل التداول في الخيارات الثنائية على معظم منصات التداول على عدة خطوات رئيسية، تدور حول اختيار أصل معين ثم التنبؤ بسعر هذا الأصل أو السهم أو بمعنى أدق المُراهنة على السعر إما بصعود السعر أو هبوطه خلال فترة زمنية مُحددة، ثم تحديد وقت انتهاء هذه الفترة الخاصة بالمراهنة، ثم بعد ذلك اختيار مبلغ المُراهنة للبدء في التداول على هذا الخيار الثنائي وانتظار النتيجة إما بالربح أو الخسارة!
هل تداول الخيارات الثنائية حلال أم حرام في الإسلام؟
الآن وبعد أن أوضحنا وشرحنا ماهية الخيارات الثنائية وكيف تعمل، وجب أن نوضح هل تداول الخيارات الثنائية حلال أم حرام في الإسلام وموقف الشرع منها.
في البداية، يجب أن نوضح الإشكاليات في تداول الخيارات الثنائية من وجهة نظر الشرع وحُكمها في الدين.
الأمر الأول، وهو أن الخيارات الثنائية تقع محل بيع الغرر وهو محظور في الشرع، حيث أن عقد الخيارات الثنائية مُبهم وبه ثغرات فلا أحد يعلم إذا ما كان العقد سيتم أم لا، وحتى إن تمّ العقد، فلا أحد يعلم متى سوفَ يتم، كما أن كل من البائع والمشتري يتداولون ذات نفس الرهان.
الأمر الثاني، وهو أن مبدأ عمل تداول الخيارات الثنائية يقوم على المُراهنة أو المضاربة وهو ما يقوم عليه نفس مبدأ عمل القُمار وهو محرم شرعًا في الإسلام، فـ الرهان أو القُمار هو شرط أساسي في عملية تداول الخيارات الثنائية وبالتالي فالمُراهنة او القمار هو مُتعمد ويعرف به المتداول وبالتالي فهو مُحرم شرعًا.
الخاتمة
استنادًا لم سبق ذكره فإن تداول الخيارات الثنائية يقع في المحظور فيما يخص بيع الغرر والقمار وهما مُحرمان شرعًا في الإسلام، بل هما إثمان يقع فيهما المتداول الذي يعلم بوقوع مثل هذا الإثم ويستحلُه لنفسه عن عمد.
