أنا الثورة.. ولا أحد سواي!!

أنا الثورة.. ولا أحد سواي!!

تتقلص مساحة ثقافة -تقبل الرأي الآخر- يومًا بعد يوم، في وقت يرفض به العديد من الأشخاص وجهات نظر أخرى إن كانت مغايرة أو مختلفة عن آرائهم، ولا تتماشى معها.

ولم تعد المشكلة فقط بتقبل الآراء عند اختلاف وجهات النظر، بل أصبح المخالف يتعرض للهجوم والإقصاء، فضلاً عن شن وابل من الاتهامات عليه، ويصل الأمر إلى تخوينه والتنمر عليه والتقليل من شأنه.

فلو قلبت نظرك في منصات تويتر وفيس بوك على حسابات محسوبة على الثورة السورية المباركة، لرأيت العجب العجاب، من أفكار الطعن والتخوين والاتهام بالعمالة، لكل من خالف صاحب الحساب بالرأي أو الأفكار، وكأن الله خلقه وخلق عقله ولم يخلق غيره . وخصوصًا بعد الأحداث الأخيرة في ريف حلب الشمالي في المناطق المحررة.

فتراهم يتماهون مع رواية الغرب بوسم -من لا يُنكر تضحياتهم في الثورة السورية- بالإرهـ.ـــاب وتارة يصبغون إدلب الثورة، إدلب الحرة، بالسواد وتارة يتوسلون لأسيداهم بالتدخل ويحرضون بل ويشرعنون قصف الاحتلال الروسـي للمناطق المحررة بحجة وجود مخالفيهم.

لا أدري إن كان التاريخ يعيد نفسه بالفعل، فالذين قال عنهم الدكتور #كمال_عبدو بــ "ملوك الفصائل" كم يشابهون "ملوك الطوائف" في الأندلس، الذين تحالفوا مع ألفونسوا وفرناندو ضد إخوانهم، ليقضي بعضهم على بعض ويؤول الحكم للمنتصر  "كما كانوا يتوهمون"، فماذا كانت النتيجة؟  "نعم، ابكِ كالنساءِ ملكًا لم تدافع عنه كالرجال" .

الثورة السورية المباركة أكبر مما يختزله البعض في مملكته العاجية يقولون أن ثورتنا مهددة، نعم، إنها مهددة،  لأن الثورة "بمفهومهم" هي الحاجز الذي يفرض به مكوساً  أو خراج الأرض المسلوبة من صاحبها، أو دعم خارجي أو منصب وكرسي، أو حتى فتات يرميه له سيده فيعلوا صوته، ويهتز قلمه، كلما زاد الفتات. بل هذه خطوطه الحمر التي إن تجاوزها أحد يعتبر أنه مس ثورته وهدد أمنه.

ومن كان هذا سقف تطلعاته فطبيعي أن تريه مرآته السحرية التي إذا وقف أمامها وسألها من يمثل الثورة فتقول له: "أنت"، فيقول: "أنا الثورة" ومن دونه يعتبرهم أعداء ومنافسين له.

فامسحوا مراياكم -رحمكم الله- وانظروا بعين الحكمة والفطنة ولا تدفعنكم قلوبكم السوداء لرؤية الخريطة الخضراء بما تلونت به قلوبكم واعلموا أنها لو دامت لغيركم ما وصلتكم، وكونوا عونًا لإخوانكم لا عونًا عليهم، فعدونا لا يميز بين الأخضر والأسود والأحمر والأبيض، فكل تلك الألوان تشكل علم الثورة مجتمعة وإن سقط لون منها انفرطت مسبحتها وتبعثرت وسهل قضمها على الأعداء.

بقلم: 
محمد سنكري



إقرأ أيضا