
تعد التربية الصالحة بمثابة مجموعة القيم والمبادئ، التي يشب الفرد على أساسها، في ضوء التعاليم القويمة للدين الإسلامي الحنيف، فالتربية الصالحة نبراس يضيء طريق العباد، ويضمن إليهم حياة كريمة، ويهديهم إلى الطريق المستقيم، لأن التربية في أساسها مبنية على الأخلاق الفاضلة، واتباع النهج السليم، بما يضمن للإنسان أن يسعد بحياته، ويستمتع بها، في إطار يرضي الله ورسوله، كما يضمن أيضًا رضا الله عن الفرد في الدنيا، وفي الآخرة.
وتجدر الإشارة إلى أن التربية الصالحة لا تجنى ثمارها في الدنيا فحسب، أو تقتصر فعاليتها على الفرد وحده، وإنما للآباء جزاء كبير عن رب العباد – جل وعلا – على تنشئة أبنائهم الصالحة، في الدنيا وفي الآخرة، ففي الدنيا يجني المجتمع بأسره ثمار صلاح تربية الأبناء، الذين ينفعون أنفسهم وأهليهم، ويرفعون مراتبهم، أما في الآخرة، فنعم الجزاء! إذا كانت النية خالصةً لله – سبحانه وتعالى -.
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” كلكم راعٍ، وكلكم مسئولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ، ومسئول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله، ومسئولٌ عن أهله، والمرأة راعيةٌ في بيت زوجها، ومسئولةٌ عن رعيتها، والخادم راعٍ في مال سيده، ومسئولٌ عن رعيته، وكلكم راعٍ ومسئول عن رعيته “.
للتربية الصالحة معايير، وأهداف سامية، وحتى تتحقق الأهداف المرجوة من وراء التربية النافعة في المجتمع، فلا بد من وضع عدة معايير في الحسبان، ويتضح ذلك بالتفصيل فيما يلي من سطور:
الأبوان هما عمود البيت، فإن صلحا صلح أبناؤهم بالضرورة، ومن هنا لا بد من حسن اختيار الزوج لزوجه، والزوجة إلى زوجها، حتى يتمكنان سويًا من ترسيخ دعائم الشريعة الإسلامية في تربيتهم إلى أبنائهم، والدعاء إليهم بالهداية، فيترعرع جيل سوي، يضع تعاليم دينه الحنيف نصب أعينه، في كل تصرف يهم بفعله، أو قول يبادر بالتلفظ به.
التربية القويمة لا يقتصر أثرها على الفرد وحده، وإنما يعود تأثيرها الإيجابي على المجتمع كافةً، فتخيل مجتمع يحمل بين طياته نشء حريص على كل سلوك إيجابي، يقربه من ربه، ويبتعد عن كل ما يسبب الضرر والإيذاء، إليه وإلى مجتمعه، ترى ما الشاكلة التي سيكون عليها هذا المجتمع؟ بالطبع سيكون مجتمعًا راقيًا، حافلًا بالقيم والأخلاق الفاضلة، فالمتوقع أن يعلو إلى منازل العلو، والشرف، ويبتعد بالطبع عن الانحطاط، مما يجعله أكثر قدرة على الابتكار، لأن أبناءه يطمحون إلى الارتقاء بأنفسهم ومن يحيطون بهم
وهكذا فالتربية السليمة تطلب تكاتف جماعي، وإصرار، وعزيمة، من أجل النهوض بالمجتمعات إلى أسمى المراتب، فلا بد أن نعير التربية كثيرًا من الاهتمام؛ لأنها مناط وصول الإنسان إلى ما يطمح إليه..