قانون قيصر في بازار المصالح الدولية

قانون قيصر في بازار المصالح الدولية

المصور العسكري (قيصر) الذي شاهد بأم عينيه المجزرة بحق أبناء وطنه، ووثقها بعدسته فأبى ضميره الحي الاستمرار مع نظام القتل والتدمير، وآلمه مايحدث من انتهاكات ضد المطالبين بالحرية والكرامة فقرر توثيق الجريمة والهروب ليعرض للعالم جزءًا مما يحدث موثقًا بالصور عل ذلك يوقظ الضمائر ويدفع البشر لوقف المقتلة المستمرة.

لم يدر في خلد (قيصر) الإنسان أن تتحول أبشع جريمة إبادة إنسانية في العصر الحديث إلى سلعة تجارية يتم تداولها لتحصيل مصالح سياسية! دون اكتراث بما يجري من فظائع في غياهب سجون ومحارق الأسد.

توقيع بعد سنوات من الصمت والمماطلة

بعد سنوات طويلة من الدماء النازفة والأرواح البريئة المتساقطة كل لحظة على مذبح الحرية، وكفاح الشعب ضد جلاديه وقع الرئيس الأمريكي بالأمس 20 / 12 / 2019 قانون قيصر بعد إقراره في مجلس التشريع الأمريكي رغم اطلاعه على الوثائق منذ سنوات وتأكده من مصداقيتها مدعمة بشهادة مصورها.

رغم أن كل يوم يمر يتزايد عدد المكتوين بمحرقة الأسد وكأنهم مجرد أرقام لا معنى لها، وفهم الأسد من ذلك أنه ضوء أخضر للاستمرار بممارسة هوايته في قتل السوريين بالتعاون مع حلفائه الأبرز روسيا وإيران.

وكانت الولايات المتحدة خلال تلك الفترة تهدد بإقرار القانون بين فترة وأخرى كوسيلة ضغط على النظام وحلفائه لأسباب لا علاقة لها بحماية المدنيين الذين مازال قتلهم مستمرًا دون توقف.

لقد حولت أمريكا منذ البداية مأساة السوريين إلى مجرد ورقة ضغط يتم من خلالها ابتزاز الدول الضالعة بالجريمة، وتحقيق مصالح سياسية أمريكية ثمنًا للدماء والأشلاء ضاربة بعرض الحائط كل شعاراتها التي تفاخر بها وتدعي من خلالها الدفاع عن حقوق الإنسان وحريته، تجلى ذلك في جريمة الكيماوي التي تم التغاضي عنها مقابل سحب سلاح الجريمة دون أي عقاب.

ماذا بعد توقيع القانون؟

هناك احتمالين وراء توقيع الرئيس ترامب على قانون "قيصر" أو سيزر في الفترة الحالية:

الأول : أن التوقيع جاء بعد أن تذمرت أمريكا من تعاظم النفوذ الروسي الإيراني في سورية حيث تم إحكام السيطرة على كل مناحي الاقتصاد الحيوية إضافة للقرار السياسي والعسكري وهذا ما أزعج الادارة الأمريكية فكان التوقيع لتوجيه -ضربة قاصمة لهذا النفوذ من خلال التنفيذ الصارم للقانون الذي يطال الأسد وحلفاءه، مما سيجعل إسقاط الأسد مسألة وقت لا أكثر.

وهذا بدوره سيشكل ضربة قوية للمصالح الروسية الإيرانية لأن بقاء النظام والأسد تحديدًا هو ضمانة استمرارها وجائزة لها على قتل السوريين دعمًا لبقائه.

وتظهر أمريكا بهذا القانون بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان والساعية لتحقيق العدالة! وأنها صديقة الشعوب التي تسعى لتحريرهم من أنظمتهم القمعية! وتمحو بذلك سنوات من التواطؤ على قتلهم وتدمير أوطانهم من خلال دعم مباشر للأنظمة الوظيفية أو عبر صمت مطبق وغض الطرف عن انتهاكاتهم.

الثاني : أن يكون هذا التوقيع مجرد وسيلة ضغط على النافذين في الشأن السوري وتحجيمهم ودفعهم لتقاسم الغنائم والنفوذ مع الولايات المتحدة سواء في سوريا أو في مناطق أخرى وملفات أخرى على مستوى العالم، ويلاحظ أن هذا الإجراء قد سبقه التراجع عن فكرة الانسحاب النهائي من شمال شرق سورية، قد يكون لأهداف بعيدة المدى تخدم إسرائيل تحديدًا في مواجهة إيران لبسط النفوذ على المنطقة الممتدة من الجولان إلى البادية بشكل مباشر قد اقترب أوانه، وبالإجمال فإن كلا السيناريوهين يصبان في نهاية المطاف بخدمة السياسات والمصالح الأمريكة والإسرائيلية، ولا علاقة لها بالضحايا من أبناء الشعب السوري.
إلا أن المؤمل أن يصب ذلك في حمايتهم من آلات القتل الفتاكة وإن لم يكن ذلك هو الهدف الأساسي الذي تم توقيع القانون من أجله.

بقلم: 
محمود القداح



إقرأ أيضا