مدير التربية في ريف دمشق يدعو الأهالي لإرسال أبنائهم إلى المدارس

مدير التربية في ريف دمشق يدعو الأهالي لإرسال أبناءهم إلى المدارس

 

أكد الأستاذ "عدنان سليك"، مدير التربية والتعليم في ريف دمشق، أن افتتاح العام الدراسي الجديد في الغوطة الشرقية سيكون في يوم السبت القادم 17 أكتوبر/ تشرين الأول، وذلك بسبب الظروف الأمنيّة التي مرت بها بلدات الغوطة الشرقية.

أسباب تأخير الدوام

كلام "سليك" جاء في حوار أجراه معه مراسل "الدرر الشامية"، حيث أشار إلى سبب تأخير الدوام حتى هذا الوقت بقوله: "لقد تم تأجيل الدوام لهذا الوقت المتأخر؛ نتيجة الظروف الأمنية القاسية جدًّا التي تعيشها المنطقة؛ نتيجة العمل العسكري الموجود حاليًا في الغوطة، ونسأل الله عز وجل أن يُثبِّت إخواننا المجاهدين الموجودين في منطقة الجبل، وأن ينصرهم ويؤيدهم في هذه المعارك.

وهذه المعارك كانت قائمة منذ بداياتها في بداية افتتاح العام الدراسي الجديد، فتلقينا إشارةً تُفيد بأن هذه المعارك ستكون لها ردَّات فعل من قبل النظام على الغوطة، مما دعانا إلى تأجيل الدوام لمدة أسبوعين، ولكن لاستمرارية العمل وتصعيد قصف النظام بشكل كبير جدًّا على الغوطة، وخاصة مدينة دوما والمدن المجاورة لها، اضطررنا في المديرية إلى تأجيل الدوام أكثر من مرة، حتى ثبَّتنا تاريخ الـ17 من الشهر الجاري ليكون بداية العام الدراسي الجديد بإذن الله، لكن هل زالت الخطورة؟ طبعًا لا؛ لأن النظام يستخدم البطش العسكري لضرب المدنيين وضرب الأطفال؛ لذلك الخطورة قائمة، لكن هل نستطيع أن نوقف العملية التعليمية إلى ما لا نهاية؟! هذا خطير جدًّا، لذلك لدينا ضرران، عندها نأخذ الاحتياطات ونعمل على أخف الضررين".

إجراءات السلامة

ولدى سؤال مراسلنا للأستاذ "سليك" عن احتياطات السلامة المُتَّبعة في المدارس قال: "أولًا عيَّنا وقت الدوام باكرًا، ومن ناحية أخرى سنستخدم الطابق الأرضي بالنسبة للمدارس، وخاصة في الأبنية التي تتكون من ثلاثة طوابق، وإذا لزم الأمر سنستخدم الطابق الثاني، ولكن نفضل استخدام الطابق الأرضي دومًا، حرصًا على أبنائنا الطلبة".

سبب عدم استخدام الأقبية من قبل المديرية

وأضاف إجابة عن نفس السؤال: "في بعض المؤسسات التربوية الأخرى الخاصة جُهِّزت الأقبية في مراكزها، لكن هذا الأمر مكلف جدًّا بسبب كوننا كتعليم عام لا نستطيع استخدام الأقبية لعدم وجودها بحالة مناسبة، بالإضافة إلى أن عدد الطلاب أكبر بكثير من العدد الموجود في التعليم الخاص، ونسبة التعليم الخاص في الغوطة الشرقية لا يتجاوز الـ10%، بينما التعليم العام هو 90%، لذلك تأمين أقبية بديلة عن المدارس أمر صعب جدًّا، أولًا أقبيتنا الموجودة هي عبارة عن مستودعات، وفتحات التهوية فيها صغيرة جدًّا، كما أنها غير مهيأة ولا مكسية ولا مضاءة، وغير مقطّعة لغرف، وإذا أردنا القيام بهذا فهو بحاجة لتكاليف عالية جدًّا، وهي الآن غير متوفرة، ونحن نعمل قدر الإمكان على حماية طلبتنا من قصف النظام.

تبكير الدوام هو الحل المناسب

ولدى سؤال مراسلنا لمدير التربية والتعليم عن وقت الدوام، وما التصرفات في حال حدوث أمر طارئ أثناء الدوام قال: "سيكون الدوام بمعظم بلدات الغوطة- عدا منطقتين- صباحيًّا عند الساعة السابعة صباحًا، ولمدة ثلاث ساعات، ولا يوجد عندنا غير دوام واحد في اليوم، بينما يوجد منطقتان فيهما دوامان بسبب ضغط السكان، وهذا ما نلجأ إليه الآن، وقد نضطر أن نبكر الدوام أكثر من ذلك، حسب الظروف الأمنية التي قد تحصل لاحقًا، وقد نبقيه على ما هو عليه الآن، لعل الله عزّ وجل أن يُخفّف عنّا وطأ هذا النظام الظالم، ونسأل الله أن يزيله، وبالتالي يخف الوضع عنا".

التعليم الليلي مكلف جدًّا في الغوطة الشرقية

وأجاب عن سؤال مراسلنا عن إمكانية تحويل الدوام إلى ليلي بقوله: "الدوام الليلي ممكن، ونفسية الطالب تتحمل، ويستطيع أن يسهر، وهو يفعل هذا، لكن هل تضمن القصف الليلي في حال أقدمنا على هذه الخطوة؟ أضف إلى ذلك أنه بالدوام الليلي أنت تحتاج لإنارة وإضاءة، وهذا يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة،  وهذا غير متوفر كما أخبرتك في بداية حديثي، كما أن النظام سيضطر لقصفنا ليلًا، والسبب أنه يُلاحق أي تجمُّع بشري ونشاط إنساني فيقوم بقصفه، وهذا حصل كما تعرف بالأسواق الشعبية؛ لذلك أنا أسأل ما علاقة السوق بالجبهات والحروب، المفترض لحرمة الإنسان واحترام حقوقه الإنسانية أن يتجنب هذه المناطق، أيضًا حصل مؤخرًا عندما قصف السوق الشعبي في مدينة دوما، كما قصف الأطفال في مدينة الملاهي في مدينة الوعر بحمص، وكذلك قصف الأطفال في أحد الأقبية المخصصة للألعاب، فالنظام كما يحصل مؤخرًا يقصف الغوطة ليلًا أيضًا".

إجراءات خاصة لحماية الطلاب في المدارس أثناء القصف

وأجاب مدير التربية عن سؤال مراسلنا، حول الإجراءات الخاصة في حال تم قصف المدارس أثناء الدوام: "نحن اتخذنا إجراءً بشكل عام، وهو استخدام الطابق الأرضي لأنه أخف الضررين، يعني هذا وجود طابقين فوقه، فإذا لا سمح الله سقطت قذيفة على السطح لا يتأثر الطلاب، ولكن هذا غير مضمون، وقد رأينا بعض القذائف تخترق حتى عدة طوابق، وهذا خارج عن طاقتنا، مضيفًا: "والأمر الثاني أننا قد أوعزنا إلى إخوتنا في مراكز الغوطة كاملة، في حال تعرضت أية بلدة إلى قصف بشكل مفاجئ أن يوقفوا الدوام، ويُحافظ على الطلاب بهدوء، وعندما تخف وطأة القصف يخرِجون الطلاب على دفعات وبشكل منظم، ولا يكون عشوائيًّا، وعلى دفعات صغيرة، وبشكل متسارع إلى البيت لخشيتنا من عودة قصف النظام لنفس المكان، والإجراء الثالث هو أن نستفيد من إخوتنا في الدفاع المدني وهيئة الكوارث التي شُكِّلت مؤخرًا بأن يساعدونا في هذا الموضوع، لمساعدتنا في إخراج الأطفال وتأمين ما يستطيعون من حماية إذا ارتفعت وتيرة القصف على بلدة معينة أثناء الدوام.

مدير التربية يوجِّه رسالة عبر "الدرر الشامية"

وفي نهاية اللقاء توجَّه مدير التربية عبر "الدرر الشامية" للأهالي الذي امتنعوا عن إرسال أبنائهم إلى المدارس خشية تعرضهم للأذى قائلًا: "أريد أن أقول عبر منبركم الكريم إن أولادنا هم أفلاذ أكبادنا، وأغلى ما عندي هو ولدي، وهو ثروتي الأخيرة، يعني لا المال يستطيع أن يغطيني لأنه يزول ويبقى الولد، فهذا ثروتي، ومن حقي أن خاف عليه، لكن نقول لإخوتنا كما قال الله تعالى في كتابه الكريم: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}، وأقول أيضًا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ}.

مشيرًا إلى أن "عمليات القصف تطال المواقع المدنية، سواء كانت مدرسة أو منزلًا أو شارعًا أو سوقًا، فهذا قصف ممنهج، ويمكن أن تكون الخطورة أعلى في المدرسة؛ لذلك أخذنا احتياطاتنا لهذا الأمر، ولم نحدد وقت الدوام للطلاب في وقت التصعيد، وكما تعلمون فإن التصعيد يكون في فترة الظهيرة، وبناءً عليه تم تعيين الدوام بوقت مبكر، مثل أي فعالية مدنية ثانية".

لذلك أقول لهؤلاء الإخوة: نحن مُعرَّضون للقصف في أي وقت، فأنا أحافظ على حياة ولدي، صحيح، ولكن الجهل أخطر بكثير من القتل، وإذا منعت أولادي من الذهاب إلى المدارس فماذا سأجني في المستقبل؟

أولًا: الأمية بالقراءة والكتابة، وثانيًا: موضوع تعلم الآداب والأخلاق، فالطفل يستطيع أن يتعلمها من مدرسته أكثر مما يتعلمه من البيت، والسبب أن والده في معظم وقته في العمل، ووالدته لها أعمالها الخاصة بالمنزل، ويمكن في بعض التصرفات أن يخرج الطفل إلى خارج المنزل، فماذا سيتعلم؟ سيتعلم من أقرانه أشياء قد لا نرضى بها، وهذا ما يحصل في غياب التربية والتعليم؛ لذلك وجوده في المدرسة يضمن له التربية والأخلاق الحسنة أكثر من البيت، ونحن في المديرية نسعى دائمًا لتعليم الطلاب القضايا التربوية الهامّة، والتي تساعدهم في حياتهم.

نصائح أخرى من مدير التربية

وتابع "سليك" ناصحًا: لذلك أنصح أخوتنا بأن يرسلوا أولادهم إلى المدارس، مثلهم كمثل الآخرين، وأذكرهم بقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}، فهذا قَدَر ولا نستطيع ردَّه، والقدر يتحكم به الله عزّ وجل، وقال تعالى: {أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}، وقال أيضًا: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.

فقضايا الموت والقدر لا نستطيع ردَّها، لكن نستطيع أن نأخذ احتياطاتنا ونترك الباقي لله عزّ وجل، وكما تعلمون فإن هناك أشخاصًا يموتون في الشارع، وأشخاصًا يموتون في البيوت، وأشخاصًا يموتون في الجبهات، وهذا كله بيد الله، ونحن نُسلِّم أمرَنا إلى الله تعالى، وأسأل الله أن يحفظ أولادَنا وأن يُسلِّمَهم من كل سوء.

لذلك نؤكد لهم أن التعليم هام جدًّا لحماية أطفالنا من الجهل، فإذا أمَّنَّا لهم الحماية من القصف ولم نؤمِّن لهم الحماية من الجهل فماذا سنكون قد استفدنا؟ ولا أظن أن يتطور الأمر إلى أن نُوقف الدوام بشكل نهائي، وإذا صعَّد النظامُ بشكل أكبر فلدينا خططٌ بديلةٌ سنُفصِح عنها فيما بعد.

بقلم: 
محرر الدرر الشامية



إقرأ أيضا