مشعل .. قائد حماس البرغماتي صاحب الكاريزما

مشعل .. قائد حماس البرغماتي صاحب الكاريزما

 

تقرير إخباري - مصطفى حبوش

الدرر الشامية: رسّخ خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وجوده على قمة الهرم السياسي للحركة وأثبت أنه "رقم صعب" لا يمكن تجاوزه بسهولة، ربما بسبب تلك "الكاريزما والعلاقات الدولية التي يتمتع بها"، أو بسبب ضغوط من جماعة الإخوان المسلمين التي تتفرع منها "حماس" أو من دول كقطر وتركيا، برأي مراقبين.

 

مشعل أو كما يطلق عليه رفاقه لقب "الشهيد الحي"، يصفه كل من تعامل معه بأنه "هادئ، ومتزن، ومعتدل غير متشدد"، ظل في مكانه كقائد لـ"حماس" لمرة أخرى وأخيرة، ليكمل ما بناه طوال 16 عاماً مضت، كما يعتقد كثيرون.

 

ولعل الحصول على ضمانات ببقاء مشعل كقائد لـ "حماس" للولاية الأخيرة فقط، أنهى تلك المنافسة القوية بين نائب المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق ورئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية.

 

ويلقى أبو مرزوق قبولاً كبيراً لاسيما بين أعضاء الحركة المقيمين في الخارج، ومناصرين آخرين ممن يسمون أنفسهم "بتيار مشعل"، أما هنية فيتمترس وراءه أفراد "تيار الداخل" المتسلحين بـ"أنهم أبناء الحصار وأبناء القطاع الذي واجه الغزوات والحروب وقدموا الشهداء والجرحى من أبنائهم"، ويرون أن هنية المنتمي إليهم صاحب الحق في الخلافة على رئاسة مكتب الحركة، التي دامت نحو 16 عاماً في أيدي أبناء الخارج.

 

ويقول مصطفى الصواف الكاتب الصحفي في صحيفة الرسالة الفلسطينية، والخبير في شؤون الحركات الإسلامية إن "بقاء خالد مشعل كقائد لحماس مسألة متعلقة بمصالح الحركة فهناك متغيرات على أرض الواقع تتطلب على الأقل أن يكون مشعل على رأس الدورة الحالية فقط، ومن ثم بعد ذلك تجري اللوائح وفق المعمول به في الحركة ومؤسساتها".

 

ويضيف الصواف لمراسل "الأناضول" أن بقاء مشعل "متعلق أيضاً باستكمال العمل على العلاقات الدولية والإقليمية، خاصة أنه لديه باع طويل في هذا الموضوع ناتج من خلال الفترة الطويلة التي تولى فيها قيادة المكتب السياسي، وهذا لا يعني أن بقية القيادات لا تمتلك هذه القدرة لكن لا بد أن يكتمل البناء".

 

ويوضح أن غياب مشعل لا يمكن أن يترك فراغاً كبيراً لأن "حماس" حركة مؤسسات، ورئيس وأعضاء المكتب السياسي هم أدوات تنفيذية لسياسات الحركة، مشيراً إلى أنهم يمتلكون هامشا من الحركة لكنهم في النهاية يعودون للمؤسسة التي تحدد السياسات وتقرها لذلك لا خوف من غياب مشعل أو بقائه.

 

وانتمى مشعل لجماعة الإخوان المسلمين عام 1971، وكان له دور كبير في انضمام العديدين لتنظيم الإخوان المسلمين - الجناح الفلسطيني، وانضم إلى المكتب السياسي لحركة حماس منذ تأسيسها نهاية عام 1987، ولدى عودته إلى الأردن أصبح عضوا نشيطا فيها حتى انتخب عام 1996 رئيسا للمكتب السياسي للحركة، وواجه خلال فترة قيادته لـ "حماس" التي امتدت عبر 16 عاماً ظروفا صعبة وتحديات عاتية.

 

قدمت "حماس" في عهده "أهم منجزاتها حتى باتت القائدة للشعب الفلسطيني والممثلة لطموحاته وتطلعاته"، بحسب تصريحات سابقة لعزت الرشق القيادي في "حماس" والمقرب من مشعل.

 

ويقول علي بدوان، الكاتب اليساري الفلسطيني إن "خالد مشعل كان له دور في توحيد الأداء السياسي التنظيمي لحركة حماس، نظراً لشخصيته البراغماتية والكاريزما العالية التي يتحلى بها إضافة لتجربته الميدانية وشبكة العلاقات القوية التي يمتلكها على الصعيد الفلسطيني والعالمي".

 

ويوصف مشعل من كثير من المحللين والمختصين في شؤون الفصائل الفلسطينية بأنه كان "الأكثر قدرة على ضبط إيقاع حماس سياسيا وتنظيميا".

 

ويعرف "الشهيد الحي" وهو اللقب الذي اشتهر به خالد مشعل، بأنه الأكثر حرصاً على توحيد الصف الفلسطيني وتحقيق الوحدة والمصالحة مع حركة "فتح".

 

ورغم الانتقادات التي كان خالد مشعل "أبو الوليد" يوجهها للقائد التاريخي لحركة التحرير الفلسطيني (فتح) والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إلا أن جميع قيادات "فتح" يفضلون بقاء أبو الوليد قائداً لـ"حماس" لاعتقادهم أنه الأكثر "اعتدالاً واتزاناً" في التعامل معهم والأكثر حرصاً على تحقيق الوحدة الفلسطينية، حسبما يقولون.

 

وعربياً فإن الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة "حماس" حظي باهتمام واحترام من جميع قادة العرب وأبرزهم الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثان الذي شارك بالضغط على قيادة "حماس" لبقاء مشعل قائداً للحركة، وفق تصريحات أدلت بها مصادر داخل "حماس" لوكالة "الأناضول" للأنباء.

 

وليس العرب وحدهم فالقيادة التركية أيضاً تفضل أبو الوليد ممثلاً لـ "حماس" نظراً للبراغماتية والكاريزما التي يتمتع بها.

 

وعلى الصعيد الإسرائيلي فإن القيادة الإسرائيلية، وفق محللين ومتابعين للشأن الإسرائيلي، لا تفضل وجود مشعل وتعتبره عدواً خطيراً.

 

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خطاب مشعل في مهرجان ذكرى انطلاقة حركة "حماس" الخامسة والعشرين الذي عقد في قطاع غزة نهاية العام الماضي  بـ "العدواني والمتحدي لإسرائيل".

 

وقال نتنياهو آنذاك إن "خطاب مشعل يفضح الوجه الحقيقي لأعداء إسرائيل. ليس لدى حماس  أي نية للتوصل إلى حل وسط، إنهم يريدون تدمير دولة إسرائيل".

 

هذا الرفض الإسرائيلي لمشعل كان جلياً في 25 سبتمبر/أيلول 1997، حين استهدفه الموساد الإسرائيلي بتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والجهاز الأمني الإسرائيلي التابع له.

 

فقد قام 10 عناصر من جهاز الموساد بالدخول إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة حيث كان مشعل الحامل للجنسية الأردنية مقيماً آنذاك وتم حقنه بمادة سامة أثناء سيره في شارع وصفي التل في عمّان.

 

اكتشفت السلطات الأردنية محاولة الاغتيال وقامت بإلقاء القبض على اثنين من عناصر الموساد المتورطين في العملية، وطلب العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال من رئيس الوزراء الإسرائيلي المصل المضاد للمادة السامة التي حقن بها خالد مشعل، فرفض نتنياهو مطلب الملك حسين في بادئ الأمر، فأخذت محاولة اغتياله بعداً سياسياً، وقام الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت بيل كلينتون بالتدخل وإرغام نتنياهو على تقديم المصل المضاد للسم المستعمل للأردن.

 

ورضخ نتنياهو لضغوط كلينتون في النهاية وقام بتسليم المصل المضاد، وقامت السلطات الأردنية فيما بعد بإطلاق سراح عملاء الموساد مقابل إطلاق سراح الشيخ الراحل أحمد ياسين مؤسس حركة حماس والذي كان محكوما بالسجون الإسرائيلية مدى الحياة.

 

مشعل غير المرغوب فيه إسرائيلياً يحظى باحترام وحب شديد لدى الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها، وحظيت زيارته لقطاع غزة نهاية العام الماضي، باهتمام بالغ للغاية من قبل الفلسطينيين في غزة.

 

وشهد مهرجان ذكرى انطلاقة "حماس" الخامسة والعشرين الذي حضره مشعل في غزة أضخم حضور جماهيري شهدته احتفالات الحركة، كما رأى مراقبون للشأن الفلسطيني.

 

وتصدر زعيم "حماس" عناوين الصحف المحلية والأجنبية بزيارته الأولى إلى غزة بعد 45 عاما من مغادرته لها خلال حرب الأيام الستة سنة 1967.

 

وبالعودة إلى تاريخ نشأته فإن خالد مشعل ولد في 28 مايو/ آيار 1956، في قرية سلواد بقضاء رام الله في فلسطين، وتلقى التعليم الابتدائي فيها حتى عام 1967، حيث هاجر مع أسرته إلى الكويت، وأكمل هناك دراسته المتوسطة والثانوية، ثم أكمل دراسته الجامعية حتى حصل على البكالوريوس في الفيزياء من جامعة الكويت.

 

وقاد التيار الإسلامي الفلسطيني في جامعة الكويت، وشارك في تأسيس كتلة الحق الإسلامية التي نافست قوائم حركة "فتح" على قيادة الاتحاد العام لطلبة فلسطين في الكويت، تلك الكتلة التي سرعان ما تحولت بعد تخرجه إلى ما عرِف بالرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين.

 

وتخرج مشعل في عام 1978 وعمل مدرسا للفيزياء في الكويت، ثم تزوج بعدها بسنتين وله من الأبناء سبعة، ثلاث فتيات وأربعة صبية.

 

وفي أغسطس/آب 1999 على ما بدا لكثيرين أنه نتيجة ضغط من الإدارة الأمريكية قامت السلطات الأردنية بإصدار مذكرة إلقاء قبض على مشعل.

 

نقلاً عن وكالة أنباء الأناضول




إقرأ أيضا