مقتل البوطي.. وأصابع النظام الخفية – تقرير إخباري

مقتل البوطي.. وأصابع النظام الخفية – تقرير إخباري

 

تـقـريـر إخـبـاري

الدرر الشامية (خاص): قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجهاد واجب عليكم خلف كل أمير، برًا كان أو فاجرًا، وإن هو عمل الكبائر".

 

بهذا الحديث دعا الدكتور "محمد سعيد البوطي" الشعب السوري للجهاد خلف الطاغية بشار الأسد ضد كتائب الثوار، واصفًا إياهم أنهم يعرضون عن كلام رسول الله؛ ويجاهدون هؤلاء الأمراء (في إشارة إلى الأسد) ضد كلام رسول الله.

 

قتل البوطي في ليلة الخميس الموافق 21-3-2013، في تفجير استهدف مسجد الإيمان بحي المزرعة في العاصمة السورية دمشق، أثناء إلقاء البوطي درسًا دينيًا لعدد كبير من الأشخاص، وقتل معه 42 وجرح 84 حسب وزارة الصحة السورية.

 

مقتل البوطي أثار الكثير من علامات الاستفهام والجدل حول المسئول عن التفجير واستهداف المدنيين الأبرياء داخل المسجد، حيث جاءت الروايتان الرسميتان متناقضتين إلى حد بعيد؛ ففي الوقت الذي ذكر فيه التلفزيون الرسمي السوري مقتل البوطي في تفجير انتحاري، ذكرت قناة الدنيا أن البوطي لقي حتفه جراء استهداف المسجد بقذيفة هاون.

 

وبثت فضائية "الإخبارية السورية" مقطع فيديو بعد الحادث مباشرة، لعملية نقل جثث القتلى والمصابين، ويظهر فيه عدم وجود أي آثار للحريق الذي نجم عن الحادث، بحسب ما ذكر التلفزيون الرسمي السوري. وبالطبع فإن أول الحاضرين كانت الكاميرات الرسمية السورية التي فيما يبدو كانت على علم بالحادث قبل وقوعه.

 

أما موقف كتائب الثورة السورية فهو معروف سلفًا لا يحتاج إلى تكهن أو تخمين؛ فمن جانبه، أصدر المجلس العسكري في دمشق وريفها بيانًا نفى فيه ضلوعه في عملية مقتل البوطي، واتهم فيها نظام الأسد بتدبير الحادث.

 

وقال المجلس في بيانه: "نحن في المجلس العسكري نتهم النظام باصطناع هذا التفجير"، مستدلاً بالأسباب التالية "لإثارة الرأي الإسلامي ضد الثورة السورية واتهام الثوار باستهداف بيوت الله".

 

وأكد المجلس العسكري إدانته بشدة لاستهداف "بيوت الله"، مؤكدًا أن "لها حرمة ولا يجوز التعدي عليها". مشيرًا إلى أنه لا يمكن "للجيش الحر الذي يعرف كل العالم أن الصبغة الإسلامية غالبة عليه أن يستهدف بيوت الله"، لافتًا إلى أن الثوار لم يستهدفوا المساجد و"بشار يصلي العيد"، فكيف يستهدفونها الآن ولا يوجد بها غير مدنيين بالإضافة إلى "البوطي الذي مقتله لن يقدم ولن يؤخر في الثورة!!".

 

وصرح رئيس الائتلاف الوطني السوري "أحمد معاذ الخطيب" لوكالة فرانس برس قائلاً: "نحن ندين بشكل كامل قتل العلامة د. سعيد رمضان البوطي ونقول إن ديننا وأخلاقنا لا تسمح أبدا أن نتعامل مع الاختلاف الفكري بطريقة القتل"، مؤكدًا أن "هذه جريمة بكل المقاييس وهي مرفوضة تماما"، مرجحًا وقوف نظام الرئيس بشار الأسد وراءها.

 

وهذا ما أكدته كثير من الدوائر الصحفية وأكده غالبية المهتمين بالشأن السوري؛ فمن جانبه أكد الكاتب والمحلل السياسي "ياسر الزعاترة" عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، أن الثوار الشرفاء لا يمكن أن يستهدفوا الناس في المساجد، مضيفًا أن النظام الأسدي "نظام مجرم" ومن الممكن أن يفعل أكثر من ذلك.

 

وأكد "هيثم المالح" عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، أن البوطي "سفك دم الشعب الثائر تحت شعارات دينية وجهادية لا أصل لها، كما شبه جنود الأسد بالصحابة والصالحين".

 

وأضاف عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، ان البوطي لو رحل قبل إندلاع الثورة السورية المندلعة منذ عامين "لقلنا شيخ أفنى عمره في الدعوة، لكن الثورة الفاضحة أثبتت بأنه اشتُري من الأسد ليُشبّح باسم الدين!".

 

وأشار "المالح" إلى أنه "عندما تنشر القنوات الأسدية خبر مقتل البوطي وتنسبه للثوار، وعندما ينفي سكان المنطقة سماع صوت انفجار، نـدرك تماما أن النظام هو مُدبّر العملية."

 

وقال المراقب الجزائري المستقيل من بعثة الجامعة العربية إلى سوريا"أنور مالك"، أنه بعد إستخدام نظام الأسد للقصف بالكيماوي، "كنت على يقين أن نظام الأسد سيقدم على أمر ما وتوقعت كل شئ إلا إغتيال البوطي"، مضيفًا أن مقتل البوطي دليل على أن "المخابرات ضبطت اللعبة جيدًا".

 

وأكد الدكتور "عبد الكريم بكار" أن قتل الشيخ البوطي خطاً وليس من الصواب، مضيفًا أنه لا يستبعد أن يكون نظام الأسد هو من قتله، ومطالبًا مفتي بشار الأسد أن يجهز نفسه "لأن بشار يأخذ معه كل أصدقائه".

 

وأضاف عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي تويتر، أنه "لا مصلحة للثورة في قتل البوطي، فالرجل قد استهلك تماماً، وانفض عنه الناس، والنظام في غالب الظن وراء قتله من باب خلط الأوراق".

 

وذكر الدكتور "فيصل القاسم" مقدم برنامج الإتجاه المعاكس على قناة الجزيرة عبر حسابه الشخصي على تويتر، ان الإعلامي السوري "محمود الزيبق" أشار إلى أن هناك معلومات تفيد أن البوطي طلب من جميع أفراد عائتله المغادرة إلى تركيا في صباح يوم الحادث

 

أما الناشط الأردني على تويتر "مجتهد الأردن" فألمح إلى أن اغتيال البوطي له أبعاد عديدة منها "نجاح النظام فى شق عصا أهل السنة فى سوريا، وتشويه صورة الجيش الحر وجبهة النصرة بأنهم وراء عمليات تفجير المساجد".

 

وأشار إلى أنه لو كانت "جبهة النصرة وراء اغتيال البوطي لكان قامت بعملية التفجير وهو خارج من المسجد بدلاً من اغتياله فى المسجد بميتة ربما تكون مشرفة للبوطي".

 

كان البوطي من أبرز مؤيدي عائلة الأسد بالرغم من أنه كان ينتسب للسنة، وعرف عنه أنه وقف ضد الثورة السورية منذ البداية، ورفض الحراك الشعبي، وانتقد المحتجين ودعاهم إلى "عدم الانقياد وراء الدعوات المجهولة المصدر التي تحاول استغلال المساجد لإثارة الفتن والفوضى في سوريا". حسب كلامه.

 

ووصف البوطي المتظاهرين بأنهم لا يعرفون شيئًا عن الصلاة بقوله "تأملت في معظمهم ووجدت أنهم لا يعرفون شيء اسمه صلاه والقسم الأكبر لم يعرف جبينه السجود أبدًا"، وأتهم عوامل خارجية بالوقوف وراء التظاهرات و أصدر فتوى حرم فيها التظاهرات حيث قال: "أن التظاهرات تحولت إلى أخطر أنواع المحرمات"، وقد انتُقد البوطي بسبب هذه التصريحات واتهم بالنفاق.

 

ومن المواقف الشهيرة لتجاوز البوطي في حبه لحافظ الأسد كل ما هو معقول عندما قال مرة بعد وفاة باسل الأسد: "إنني أراه من هنا في الجنة جنبًا إلى جنب مع الصديقين والأنبياء".

 

وكان أغرب هذه الفتاوى الصادرة عن الدكتور البوطي، بحسب رأي الكثير من المحتجين، إجازته السجود على صور الرئيس السوري بشار الأسد؛ حيث قال: "اعتبر صورة بشار بساطاً.. ثم اسجد فوقه".

 

ولم يُبدِ البوطي تعاطفاً مع الثوار الذين سقط منهم مئات الشهداء والجرحى، فضلاً عن اعتقال الآلاف منهم، بل ودعا عليهم فوق المنابر.

 

إن هذا الحادث يظهر بوضوح أن النظام السوري في رمقه الأخير، وأنه لا ذمة له ولا عهد، وأنه على استعداد ليضحي بأقرب المتزلفين إليه ليستمر بقاؤه على كرسي الحكم أطول فترة ممكنة، ولكن هذا التخبط الواضح وسوء التخطيط لهذه العملية يظهر بقوة أنه لم يعد حول الأسد في هذه اللحظة من يحسن التدبير ولا التخطيط، وأن الأمور تسير في مواجهة كتائب الثوار كيفما اتفق بصورة هزيلة وبتخبط واضح، وهذا يقرب بإذن الله نهايته لتكون أقرب إليه من شراك نعله. 




إقرأ أيضا