حين يُسرّح الأسدُ كلابه !!

حين يُسرّح الأسدُ كلابه !!

ترويها : عابدة المؤيّد العظم

اجتمعت بشاهدتي عيان ..

أرسلت لي -أولاهما- رسالة قصيرة من قلب "دمشق" فيها رائحة الخوف فقالت: "كل ما تسمعنه في الأخبار صحيح، والحقيقة أكبر منه، وأكثر الأخبار لا تذاع ولا يصل إليها الإعلام وبعضها الآخر يخفونه ويلتفون عليه"..

و"الثانية" رأيتها وسمعت منها، ولعلها قالت أشياء أعرفها، ولكن السماع ممن عاشت الحدث جعلني أعيش حجم المأساة وأدرك روعة الشعب السوري وقوته الهائلة في التصدي لأولئك الوحوش الخونة. قالت: "أصبح الأعزة أذلة والأغنياء فقراء والخونة أسياد، وحل الدمار والخراب والقتل والتعذيب والنهب وحرق المصانع والمزارع وتخريب البيوت، يدخلون البيت فيختارون ما يعجبهم من المتاع ويحملون البرادات و المكيفات والتلفزيونات... في سيارات ويأخذونها، ويكسرون ما عجزوا عن سرقته، وقد يقضون حاجتهم فوق المتاع وداخل أواني المطبخ، ويحرقون ما تبقى، ويذبحون الناس أو يعتقلون، وفي حمص أجبروا الفتية على اغتصاب أخواتهم أمام والديهم (ولعظم ذلك خصص الأهالي مكانا لإجهاض الحوامل ولو كن في شهرهن السادس).. تمشي في الشوراع فترى آثار الهدم والحريق والناس يتوسدون الرصيف ويلتحفون بالسماء، وقطع الكهرباء تسبب -من قبل- بفساد طعامهم المخزون فعم الجوع.. أًصبحوا يستعملون وسائل الترهيب كلها لوقف هذه "الثورة المجيدة"، والخطف وسيلة جديدة لنهب الأموال: يخرج الشاب ليشتري الخبز فلا يعود، ويطلبون مبالغ كبيرة، فيضطر أبوه لبيع بيته في صفقة قد يعود ابنه فيها أو يذهب حيث ذهب مال الفدية ويختفي الاثنان. القذائف تنهمر بكثافة على ريف دمشق من الطائرات كما ينهمر "المطر الغزير" في ليالي الشتاء الغنية، ويراها أهل دمشق من شرفات بيوتهم.

"جبل قاسيون" امتلأ بالقاذفات وتحول ذلك الجبل الشامخ إلى مركز انطلاق لقذائف الموت فيرى أهل دمشق الصواريخ وهي تنطلق منه نحو الريف، ويسمعون صوتها ساعة انطلاقها فيتحرقون أسى ويتساءلون عما ستفعله، وبعد -ثوان- ترجّ الشام لصوت انفجارها. الأسعار تضاعفت، والمحلات مغلقة أكثر الأوقات، والجند في الشوارع بآلياتهم ودباباتهم وكامل عتادهم، الحواجز والمتاريس تملأ الطرقات، وفي كل شارع ساحة حرب حقيقية، وفي أي لحظة يبدأ إطلاق الرصاص فينبطح المشاة...رائحة الموت تفوح من كل مكان يستهدفه النظام". سمعت كل هذا وأحسست بالأسى، فأبى "الأمل" إلا أن يغالبه !

وشعرت بالفخر لما رأيته من صمود وممانعة هذا الشعب العظيم.

فكل هذا وما زال السوريون مصممين على المضي في هذا الأمر حتى يظهره الله أو يهلك دونه، وما زالت المبشرات والكرامات تحمي هذه الثورة وتقودها إلى "النصر" ذلك المصير المحتوم الذي بشرت به الأحاديث والآيات.




إقرأ أيضا