
الأخت "أمل"، السيدة المنقبة مسؤولة مصلّى النساء في مسجد بلال بن رباح في "عبرا" (صيدا)، لم تكن طوال عمرها كذلك.
كانت فتاة لبنانية عادية، درست في مدرسة "سان جوزيف"، وتحجبت عندما صارت في الحادية والعشرين من عمرها. وفقط حين قبلت بأن تكون الزوجة الثانية لإمام المسجد الشيخ "أحمد الأسير"، تنقبت. كان ذلك قبل 14 عاماً. مذ ذاك الحين، و"أمل" شريكة الشيخ في المنزل كما في المسجد، حيث تلعب دور المشرفة على "أخوات الأسير"، وهن صبايا وسيدات من أعمار مختلفة، آمنّ بالدعوة، ونشطن فيها، كل واحدة بحسب قناعتها وقدرتها. وبينما الأكثرية منهن منقبات، تبقى قلة غير منقبة، وهي غير مجبرة على ذلك، وإن كن يحلمن بالنهار "الكبير" لإسدال النقاب على وجوههن.
في المصلّى ..
المصلى الخاص بالنساء مفصول تماماً عن الجزء الأكبر من المسجد المخصص للرجال. لا يمكن للرجال رؤية النسوة، لكن العكس صحيح. حيث تنقل شاشات مثبتة على الجدران خطب الصلاة وخطب الشيخ وما إلى هنالك إلى حيث تجلس النسوة، كما يمكنهن التواصل مع مساعدي الأسير عبر "الإنترفون".
ولكل شابة هنا في المصلى حكاية بالطبع. "أمل" سمعت بالشيخ من خلال شقيقها الذي كان أحد تلامذته المقربين. ولما أراد الأسير الزواج ثانية سأله عنها. وافقت "أمل" وكانت مستعدة في الأصل لارتداء النقاب. وهكذا كان. بعد الزواج، حرص الشيخ على أن تكمل علومها الشرعية في كلية الشريعة في بيروت. وكان هو نفسه في سنوات دراسته الأخيرة فكانا يترافقان إلى الكلية.
تصف "أمل" حياتها الزوجية بأنها عادية، لكنها تستدرك: "لكن طبعاً لدينا حدود الشرع. وحياة الشيخ سهلة جداً". واستطردت "أمل" قائلة: "بنات أخي غير محجبات لكن لا مشكلة لي معهن، فهن يقلن لي دوماً "عمّتو" نحن نحبك، فرغم انك منقبة انت دائماً "Up to date".
"لا فرض للنقاب" ..
ولـ"أخوات الأسير" دورة حياة تمضي في المسجد نفسه، حيث إن إحداهن مسؤولة عن إدارة المسجد والمحاسبة وكل الأمور.
وهناك تعليم يومي بين المغرب والعشاء، والشيخ في أغلب الأحيان هو من يقوم به. وهن يصلين جماعة في مصلى النساء خلال الصلوات اليومية، ويشاهدن التعليم حتى العشاء عبر الشاشات التي تنقل إلينا دروس الشيخ من مصلى الرجال".
كما أن هناك دار الحضانة الموجود في المسجد. وتوضح "أمل" أنَّ "المرأة مرتبطة بأطفالها ولأنَّ وجودهم في مكان التعليم يسبب تشويشاً أنشأنا مكاناً مخصصاً لهم أسميناه حضانة حيث يوضع الأولاد فيها عندما تكون الوالدة في حلقات التعليم. وفي الحضانة يلعبون ويشاهدون التلفزيون وبطبيعة الحال كل ألعابهم تربوية وغير مؤذية لهم".
ولا يمكن لزائر المصلى إلَّا التوقف عند النساء غير المنقبات اللواتي يترددن إليه. تقول "أمل": "إنَّ بيئة المسجد هي البيئة الحاضنة لكل المسلمات. ولا يوجد لدينا أي تمييز ولا نفرض على أحد النقاب. الأخت هي من تختار، وعندما تصبح لديها قناعة تلتزم فيها أكان حجاباً أم صلاة أم أي شيء آخر".
وأوضحت أنَّ "هناك الكثير من الأخوات دخلن إلى المسجد غير محجبات والآن أصبحنا منقبات"، مُشددةً على أنَّ "الأخوات اللواتي يترددن إلى المسجد يمكن أن يكنّ محجبات، أو منقبات أو حتى غير محجبات ابداً".