صمت عربي وتطبيع مع إسرائيل ...القضية الفلسطينية إلى أين؟؟؟

صمت عربي وتطبيع مع إسرائيل ...القضية الفلسطينية إلى أين؟؟؟

تسارعت، في الآونة الأخيرة، وتيرة تطبيع العلاقات بين بعض الدول العربية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، وراوحت خطواته بين لقاءات وزيارات ونشر مقالات في صحف إسرائيلية.

لعقود عديدة نظرت الدول العربية لإسرائيل على أنها عدو ومُهدد أول لأمنها القومي، والتزمت رفض كُل أشكال التطبيع قبل التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وتصدرت مصر رَكب التطبيع بتوقيعها اتفاقية السلام مع إسرائيل 1979م، وتلتها منظمة التحرير الفلسطينية 1993م، والأردن 1994م. ظل الموقف العربي مُتماسكًا نوعًا ما بخصوص تطبيع العلاقات مع إسرائيل، رغم وجود خلفية تاريخية لعلاقات سرية لدول عربيةً عديدة مع إسرائيل، ففي الأونة الأخيرة أخذت خطوات التطبيع منحى مُتسارعًا وعلنيًا يشمل مجالات شتى تُوجت هذه الخطوات بتطبيع رسمي للإمارات والبحرين وغيرهما مع إسرائيل أواخر 2020م

والتطبيع له عدة أنواع، أهمها: التطبيع السياسي، والاقتصادي، والأمني، والثقافي. ومن أهم أشكال التطبيع هي الأنشطة التي تهدف إلى التعاون العلمي أو المهني أو الفني أو الإجتماعي (النسوي أو الشبابي)، والذي يهدف إلى إزالة الحواجز النفسية بين الطرفين بغرض التقارب، وبالتالي تجاهل حالة الحرب القائمة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، والإعتراف بمشروعية الدولة الإسرائيلية على حساب الأرض والشعب الفلسطيني، وهو إنكار واضح وصريح لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، خاصة حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض حسب قرار الأمم المتحدة رقم 194، وقرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي طالب إسرائيل بوقف الأنشطة الإستيطانية في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذا إعتراف صريح من الأمم المتحدة بعدم مشروعية الوجود الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية، وبأن الشعب الفلسطيني شعب محتل من قبل الإحتلال الإسرائيلي.

منذ مدة طويلة، لم يعد الكثير من المحللين يتحدثون عن نزاع عربي-إسرائيلي، بل نزاع فلسطيني-إسرائيلي، ومن أبرز المؤشرات على هذا الأمر، استقبال دولة عربية محورية، هي مصر، للاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي بـ"التثمين"، وكذلك حديث البحرين عن أن الاتفاق يعزّز فرص السلام، بينما اتخذت الأردن موقفًا وسطًا بالحديث عن أن "أثر الاتفاق سيكون مرتبطًا بما تقوم به إسرائيل" مستقبلاً، في وقت صمتت فيه جلّ الدول العربية، ولا يوجد أيّ مؤشر على انعقاد قمة عربية طارئة لمناقشة الأمر.

وأخذ التطبيع الإماراتي منحنى مختلفا بشموله أغلب القطاعات ومحاولة ترويجه شعبيا، وحتى دينيا عبر "دعاة" يسوقونه "شرعيا".

تطبيع الإمارات، وخلافا للأردن ومصر، لم يتوقف عند المستويات الرسمية أو الاقتصادية والأمنية الضيقة، بل تجاوز ذلك إلى مستويات كسرت "الخطوط الحمراء" في العلاقة مع المحتل، وفق ما يراه فلسطينيون.

ووصلت العلاقة حد التعاقد مع شركات لاستيراد منتجات مصدرها مستوطنات مقامة على أراضي محتلة عام 1967، يعتبرها القانون الدولي غير شرعية، كما زار إماراتيون إسرائيل وتضاحكوا مع "أصدقائهم" الإسرائيليين، وزاروا كُنسا يهودية في المستوطنات.

كما خرج إماراتيون بفيديوهات يشيدون فيها بإسرائيل ويهنئونها بيوم استقلالها، وهو اليوم الذي يحيي فيه الفلسطينيون ذكرى نكبتهم (عام 1948).

إن موضوع التطبيع العربي الإسرائيلي هو قضية خطيرة في النزاع السياسي العربي اليوم، خاصة بعد الربيع العربي وما نتج عنه من حكومات أكثر استبدادا وقمعية من السابقة.

حيث أن مخاطر التطبيع مع إسرائيل لم تكن يوما مقصورة على القضية الفلسطينية وأرض فلسطين، بل انها تمتد إلى ما هو أبعد وأشمل من ذلك، فالأمة الإسلامية هي المستهدف الرئيسي، من خلال إضعاف الاهتمام بالقضايا التي تهم المسلمين وبالثوابت الإسلامية وتفكيك هوية الأمة الإسلامية. فبعد أن كان التعامل وإنشاء علاقات مع إسرائيل يعد خيانة للفكر الإسلامي وللأمة الإسلامية والعربية، أصبحت الدول الإسلامية والعربية تهرول لإنشاء علاقات مع إسرائيل، وبالتالي تشتت الإسلام والمسلمين، ونشوء جيل متخبط الفكر والمبادئ، غير متمسك بقيمه، يرى أن إسرائيل والدول الغربية نموذج للدول الناجحة المتقدمة، بغض النظر عن النهج والأسلوب المتبع، فجيل مسلم عربي لا يعرف عدوه من صديقه، أخطر على الأمة الإسلامية والعربية من التطبيع نفسه




إقرأ أيضا