EWP
في الأيام الأخيرة، شهدت أسعار جميع العملات المشفرة تراجعًا كبيرا بحيث أنها فقدت أكثر من نصف قيمتها التي عهدناها بنهاية عام 2021. حيث أصبحت عملة بيتكوين في أدنى مستوى بعدما اعتدنا أن تتربع قيمتها على عرش العملات المشفرة، انخفضت بشدة إلى النصف تقريبا، حيث كانت قيمة الوحدة منها 60 ألف دولار نهاية العام 2021 تراجعت إلى نحو 30 ألف دولار في 13 أيار/مايو الماضي. مما نتج عنه تراجع عملات مشفرة أخرى مثل تيىا وتيثر. الأثر الكبير لهذا الحدث يخلق أوقات صعبة للغاية في تاريخ البيتكوين، خاصة كونه تزامن مع سلسلة التراجعات التي يشهدها الاقتصاد العالمي.
صرّح الموقع الأمريكي “كوين ماركت كاب” (CoinMarketCap) الخاص بمتابعة تطورات سوق العملات المشفرة يوم 12 أيار/مايو الجاري أن حوالي 200 مليار دولار من قيمة العملات المشفرة في السوق العالمية قد اختفى في ظرف يوم واحد. حيث تمر حاليا هذه العملات بمرحلة صعبة جدا في تاريخها وتشهد خسائر وتراجع مستمر مثير للقلق. في هذه المقالة سنذكر أهم الأسباب و النتائج المتوقعة لهذا التراجع.
1/ تسبب الإحتياط الفيدرالي الأمريكي في تراجع العملات المشفرة
كثير من المحللين الإقتصاديين ألقوا اللوم على عاتق الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. حيث أثّر قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة بشكل مباشر على قيمة العملات المشفرة. عندما ترتفع أسعار الفائدة، يعني أن المردود الأكبر يعود بشكل كبير على الاستثمارات الأقل خطورة كالاستثمارات التي تعتمد المعدلات مثل السندات، مما قد يدفع بدوره المستثمرين إلى التخلي عن الاستثمارات الأكثر خطورة مثل الإستثمار في العملات المشفرة.
بالرغم من عدم وضوح ما سبب تراجع العملات الرقمية بشكل رسمي، إلا أن الهبوط الكبير للبيتكوين ليس غريبا عن هذه العملة. كون الاحتياطي الفيدرالي لا يزال مستمر في رفع أسعار الفائدة. ومن المتوقع أن يواصل القيام بذلك حيث أنه يدرك أن ذلك ضروري لمكافحة التضخم. لكن، على غير الأزمات السابقة، يتخوف الكثيرون من إحتمال أن هذه الأزمة ليست مرحلة مؤقتة و قصيرة يحتاج المستثمرون إلى التكيف معها و انتظار صعود أسعار البيتكوين إلى قمم جديدة مجددا. فهبوط الأسعار هذه المرة قد يميل إلى الثبوت في هذا الاتجاه لفترة أطول.
2/ شمول إنهيار أسعار العملات المشفرة لعملة تيرا “المستقرة”
شملت أزمة انهيار أسعار العملات المشفرة عملة تيرا. مما أدى إلى توقف عنصر مهم عن العمل في منظومة العملات المشفرة بأكملها. حيث أدت اضطرابات عملة تيرا المشفرة زيادة تسريع انخفاض الأسعار. بعدما كان يطلق على عملة تيرا لقب “العملة المستقرة”، بمعنى أنها عملة مشفرة ذات سعر ثابت و غير متغير تقريبا، مما يميزها عن أغلب العملات المشفرة الأخرى. كما أنها واحدة من أهم العملات و يأتي ترتيب قيمتها السوقية بعد تيثر التي تبلغ 80 مليار دولار. ترتبط هذه العملات المستقرة بعملة حقيقية مثل الدولار. لكن عملة تيرا غير مرتبطة بعملة أخرى، بل تتكون من خوارزمية معقدة تضمن أن سعرها لا تنخفض قيمته عن دولار واحد لكل وحدة تيرا نظريا.
انخفض سعر هذه العملة المستقرة إلى 20 سنتا تقريبا. وهو حدث غير مسبوق كما ذكرنا سابقا، و قد يتعلق بلغز غريب. لكن أيًا كان السبب، قد لاحظ الكثير من المستثمرون و المحللون وجود إشارة إلى أن شيئا ما غير طبيعي كان يحدث في عالم هذه العملة المستقرة. حيث زادت المخاوف و التساؤلات حول العملات الرقمية ما مستقبلها و أثرها. و كنتيجة لهذا الإنهيار، بدأ الكثير من المستثمرين بالتخلص مما إمتلكوه من عملة تيرا، مما أدى بدوره إلى تسريع سقوط هذه العملة المشفرة بشكل أكبر.
3/ إنهيار الثقة في العملات المشفرة
يؤكد المحللون أن مستقبل العملات المشفرة يعتمد بشمل شبه كلي على كيفية تعامل المستثمرين مع هذه التقلبات، في إحتمال ما شهد السوق حالة من الذعر واليأس، والتسابق للوصول إلى البنوك، فسيزيد ذلك الأمر سوءً. حيث يقلق الكثيرون أن بنوكهم لن تمتلك القدرة على منحهم أموالهم، مع تعطل سوق الأسهم، ينتاب المستثمرين التخوف من أن تصبح الحصص والأسهم التي يمتلكونها عديمة القيمة قريبا.
وحتى الآن، نشهد رد فعل مماثل لما خلّفه هذا الانهيار، حيث أن الكثير من مالكي العملات المشفرة متخوفون من الأمر. و من جهة أخرى، يتبنى بعض المستثمرين افتراض أن سعر الأصل سيرتفع مجددا، وسيستمر في الارتفاع، وبالتالي لا يرغبون في تفويت هذه الفرصة المحتملة. إذا ما حدث ارتفاع في قيمة العملات مجددا سيعتقد البعض أنها أصبحت شبه مستقرة من جديد و سيستثمرون مجددا، لكن لا شك في أن هذا الاعتقاد قد تراجع بنسبة كبيرة بسبب ما حصل مؤخرا. و لا يزال الكثيرون يتساءلون عن احتمالية وجود آفاق مستقبلية للعملات الرقمية من عدمها بعد هذا الإنهيار.
