"عباس" في طريقه لمواجهة "ترامب"

عباس في طريقه لمواجهة ترامب
property="content:encoded">

كتب يوني بن مناحم، مقالًا بعنوان "عباس في طريقه لمواجهة ترامب"، أشار فيه إلى إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في نهاية قمة التعاون الإسلامي بإسطنبول، عن توجه الفلسطينيين إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإلغاء تصريح "ترامب" بشأن القدس عاصمة لإسرائيل، وطلبهم من الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطين عضوًا فعّالًا في المجلس.

جاء ذلك استنادًا إلى بعض النقاط التي استعرضها الكاتب على النحو التالي: 

(عباس)، لم يُشر بالتفصيل إلى كيف سيتم تقديم الطلب للأمم المتحدة وكيف يعتزم التعامل مع احتمال استخدام الولايات المتحدة للفيتو في مجلس الأمن، إلا أنه يبدو أنه قد عقد العزم على خوض صراع سياسي ضد الرئيس (ترامب)".

يبدو أن "عباس" اتخذ قراره بمحاولة طرد الولايات المتحدة من دور الوسيط بين إسرائيل والفلسطينيين وإقرار حقائق سياسية جديدة، ثمة ضغوط كبيرة تُمارس على رئيس السلطة الفلسطينية، فأثناء تواجده في القمة الإسلامية في تركيا، طالبه مسؤول "حماس" البارز، موسى أبو مرزوق، بالعودة لمقاطعة رام الله قبل تراجع الرئيس "ترامب" عن تصريحه بشأن القدس عاصمة لإسرائيل.

تشهد مناطق الضفة وقطاع غزة مظاهر احتجاج متعددة شعبية سببها دعوة "حماس" إلى انتفاضة جديدة، لتحرز بذلك تفوقًا على حساب رئيس السلطة الفلسطينية، الذي بدا في الشارع الفلسطيني مرتبكًا و ضعيفًا وعاجزًا عن إدارة الحرب التي أيقظتها الولايات المتحدة، فقد فشل "عباس" – رغم مرور أسبوع على تصريح "ترامب" – في بلورة أي خطة سياسية من شأنها تغيير تصريح الرئيس "ترامب"، والآن يتحدث عن التوجه لمؤسسات الأمم المتحدة، فبحسب مسئول فتح، عباس زكي، يعتزم الفلسطينيون التوجه لـ"محكمة العدل الدولية" في لاهاي ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، وذلك بعد إعدادهم دعوى قضائية لملاحقة إدارة "ترامب"، مشيرًا إلى أنهم في موقف هجوم وليس دفاع.

يبدو أن عباس (البالغ من العمر اثنين وثمانين عامًا) أصبح على دراية بأنه لم يعد لديه ما يخسره، فهو في نهاية حياته السياسية، وهو لا يرغب في اعتزال الساحة السياسية وعلى عاتقه فشل آخر، خاصة وأنه على مدار العشرة أعوام السابقة فقد سيطرته على قطاع غزة الذي أصبح في أيدي "حماس"، وأحدث فرقة في الشعب الفلسطيني.

وفقًا لتقرير نشره موقع "الخليج أونلاين" الإلكتروني، هناك روح قتالية تسيطر على محمود عباس هذه الفترة، فقد هدد بقلب الطاولة رأسًا على عقب، وكشف أسماء جميع الدول العربية والأوروبية التي دعمت الرئيس "ترامب" إزاء إصدار قراره بإعلان القدس عاصمة إسرائيل، كما أنه أبلغ كل من الرئيس المصري "السيسي"، والعاهل الأردني الملك "عبد الله"، باعتزامه محاربة إدارة "ترامب" بكل قوته في محاولة لإرغامه عن الرجوع عن هذا التصريح، وهو الأمر الذي أثار مخاوف مصر والأردن من أن يتسبب انتقام رئيس السلطة الفلسطينية من إدارة "ترامب" في تعقيد علاقتهما بالولايات المتحدة، وهو السبب الذي دفع الأردن إلى عدم عقد اجتماع طارئ للدول العربية، خلال الاجتماع الثلاثي الذي انعقد في القاهرة منذ بضعة أيام وحضره الرئيس "السيسي" و"محمود عباس" والملك "عبدالله"، حيث شهد خلافات حادة في الآراء.

وفي نفس السياق، تجدر الإشارة إلى مطالبة محمود عباس، الدول العربية باتخاذ خطوات حثيثة إزاء إدارة "ترامب" ، إلا أنه قوبل بفتور، فقد طلب منه الرئيس المصري التزام الهدوء وعدم اتخاذ خطوات سياسية أو دبلوماسية يندم عليها وتعمِّق الأزمة بينه وبين الرئيس "ترامب".

لقد أوضح الرئيس المصري لرئيس السلطة الفلسطينية، أنه يجدر به ترك الباب مفتوحًا أمام إدارة "ترامب"، وأن يسمح للرئيس "ترامب" بعرض خطة السلام الجديدة التي يعدها كي لا يفقد كل الأوراق، إلا أن محمود عباس مُصِر على المُضي في صراعه ضد الإدارة الأمريكية حتى النهاية، لكن زعيمي مصر والأردن رفضا نهائيًّا هذا الطريق، وهو مادفعه إلى التوجه لتركيا للحصول على تأييد ودعم من تركيا، قطر وإيران.

يرى الكاتب، أن استراتيجية "عباس" المُصِر عليها، قد تنسف نهائيًّا إعلان الخطة السياسية الجديدة التي يعدها الرئيس "ترامب" مع مطلع العام الجديد، فالواضح أن "عباس" لايرغب في تلك الخطة، نظرًا لقلقه من أن يترتب عليها تقديم تنازلات إضافية في ملف السيطرة الأمنية على وادي الأردن، والسيادة على القدس الشرقية والحرم القدسي والتنازل عن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، فمنذ ثلاثة أسابيع، أدرك "عباس" خلال لقائه بولي العهد السعودي – محمد بن سلمان – أن عليه تقديم تنازلات فيما يتعلق بـ "الخطوط الحمراء" للقيادة الفلسطينية. 

لقد سبق وأن حضر محمود عباس نفس هذا السيناريو في مؤتمر "كامب ديفيد" في يوليه/تموز 2000 بين ياسر عرفات والرئيس "كلينتون"، وإيهود باراك، رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، وعندما أدرك أنه سيتطلب من ياسر عرفات تقديم تنازلات فيما يخص "الخطوط الخمراء" الفلسطينية، أشار عليه بعدم الموافقة وغادر منفردًا على الفور كي لا يتهم بلعب دور في تلك التنازلات.
يخوض عباس حاليًّا مواجهة مع إدارة "ترامب" دون أن يعرف كيف يمكنه الخروج منها، وهو معتمد على تأييد دول (أوروبا – تركيا – قطر وإيران) و يحتمل أن تكون هناك دول أخرى.

وأما فيما يتعلق بمعسكر الدول المعتدلة المتمثل في (السعودية – مصر والأردن) فهم غير مهتمين بالمواجهة مع الإدارة الأمريكية ، إلا أنه يبدو أن محمود عباس قرر عدم الإصغاء لنصيحتهم.

ولذا، فإنه يتوقع أن تشهد الأسابيع المقبلة نشاطًا سياسيًّا متعددًا وذلك بالتوازي مع الاحتجاجات الشعبية في المناطق المحتلة التي تهدف إلى دعم الجهود السياسية التي تقوم بها السلطة الفلسطينية.

 رابط المقال من المصدر: עבאס יוצא לעימות מול טראמפ

بقلم: 
ترجمة لبنى مجاهد
المصدر: 
المعهد الأورشليمي للشؤون العامة/ الدرر الشامية



إقرأ أيضا



تنويه: مقالات الرأي المنشورة بشبكة الدرر الشامية تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي أو موقف أو توجه الشبكة.