
دعا الكاتب الصحفي الدكتور أحمد موفق زيدان، فصائل الثوار في الشمال السوري المحرَّر إلى التوحُّد للتصدي للتهديدات التي تواجه "إدلب"، وأن يوقِّعوا على اتفاقية دفاع مشترك.
وقال "زيدان" في حوارٍ مع "شبكة الدرر الشامية": إن "إدلب ليست الموصل وليست الرقة، إن كان من حيث العدد السكاني الضخم فيها، أو من حيث النخب الثورية فيها، والحاضنة الاجتماعية، وكذلك لا يوجد تنظيم الدولة فيها".
وفي سياقٍ آخر، اعتبر "زيدان" أن المفاوضات في أستانا وجنيف، تعد "استمرارًا لنهج تفاوضي منذ فلسطين وكشمير، تنازُل تلو التنازل، بينما الطاغية والمحتل لم يقدِّم أيَّ تنازل حتى الآن".
نص الحوار:
الدرر: ما رؤيتكم لمستقبل الثورة السورية؟
زيدان: الثورة انتصرت منذ عام 2013، حين تمكَّنت من الوصول إلى قرب ساحة العباسيين، كنت يومها أغطي أحداث الثورة في دمشق ومن جوبر والغوطة، وبدأ المد ينحسر مع دخول القوات الإيرانية والميليشيات الطائفية، حيث شاهدت وصوَّرت يومها جثث مقاتلي لواء فاطميون الأفغاني، إذن منذ عام 2013 وحتى الآن نحن نخوض حرب تحرير ضد المحل الإيراني، ومن بعده الروسي، وأثناءه وبعده هناك دعم عالمي للمجرم بشار الأسد.
الدرر: في ظل حجم التآمر الدولي، ما أدوات الثوار لمواجهة المشاريع الإقليمية والدولية؟
زيدان: أدوات الثورة هي التمسك بمبادئ الثورة، والتمسك بالموقف الأخلاقي من إسقاط مجرم بحجم بشار، ومن ثَمَّ دعوة العالم إلى مقاومة الاحتلالين الإيراني والروسي، وهي مقاومة مشروعة أرضيًّا وسماويًّا، والأمر الآخر تعزيز العلاقة بين الثوار، عبر توحيد القلوب قبل الصفوف، وثانيًا بتعزيز العلاقة مع الحاضنة الشعبية وتوعيتها، مع إعادة روح الثورة عبر المظاهرات والفعاليات، وعلى الصعيد الدولي لا بد من تعزيز العلاقة مع الفعاليات الشعبية في العالمين العربي والإسلامي والعالم بشكل عام، بعيدًا عن الحكومات، وهو أمر متاح.
الدرر: ما دورُ الفصائل في الحفاظ على مكتسبات الثورة؟
زيدان: دور الفصائل مهم، كونها تمثل النخب الحاكمة الآن فعلًا وواقعًا، فلا بد أن تتطاوع مع بعضها، وتخفض جناحها لبعضها ولشعبها، وتحدد رؤيتها المستقبلية بشكل واضح، وتعمل على مشروع مدني حقيقي لإدارة المناطق المُحَرَّرة، وإشراك أكبر شرائح ممكنة في هذه الإدارة، بعيدًا عن العسكرة، وإنما شخصيات مدنية لها وزنها وعمقها في المجتمع.
الدرر: كيف هي نظرتكم للمفاوضات سواء في أستانا أو في جنيف؟
زيدان: المفاوضات في أستانا وجنيف هي استمرار لنهج تفاوضي منذ فلسطين وكشمير، تنازل تلو التنازل، بينما الطاغية والمحتل لم يقدم أي تنازل حتى الآن، بل ولا يزال خطابه الخشبي منذ الثورة وحتى الآن نفسه بتوصيف كل من يعارضه بإرهابي، لقد خسر الشعب السوري الكثير بهذه المفاوضات العبثية، وهذه المفاوضات هي من أجل إعادة من يريد إلى حظيرة الحيوان، كما وصفه الرئيس الأمريكي ترامب.
الدرر: هل ترى مناطق "خفض التصعيد" مقدمة لتقسيم سوريا، وما الحل الأمثل للوضع الراهن؟
زيدان: الواقع في سوريا مناطق نفوذ، لا يمكن أن تتقسم سوريا بحيث كل إقليم يكون مستقلًّا، ولهذا أسبابه وخلفياته، ولكن هناك مناطق نفوذ للدول المحتلة بشكل مباشر أو غير مباشر، سوريا مرَّت بهذه المرحلة قبل الزنكيين والصلاحيين، فكانت مملكة حماة ودمشق وحلب و... و... و... ومع هذا ظهر صلاح الدين فوحَّدها ووحَّد معها مصر، والبركة بسواعد الأحرار من الثوار الحقيقيين.
والحل الأمثل هو تشكيل إدارة مدنية حقيقية تعكس رغبات الناس وطموحاتهم، من خلال مجالس محلية حقيقية تمثل القرى والبلدات، ثم إدارة تتشكل من شخصيات معتبرة، على أن يكون هناك جيش حقيقي من كل الثوار، تذوب فيه كل الفصائل، وذلك على طريقة جبهة التحرير الجزائرية، بذوبان الأحزاب والفصائل كلها في بوتقة جيش التحرير، بحيث ينضم مقاتلو الفصائل كأفراد وليسوا كتنظيمات، مع علاقة مع الجار التركي، فهو عمق الشام، وهو عمق أهل السنة، ليس من الآن وإنما منذ مئات السنين.
الدرر: ما حجم التهدايدات التي تواجهها مدينة إدلب، وما الحل لتجنيب المدينة عملية عسكرية وشيكة؟
زيدان: باعتقادي إدلب تواجه تهديدات، ولكن أخشى أن تكون هذه التهديدات من أجل انتزاع تنازلات في إدلب أو غيرها، أو من إخواننا الأتراك، إدلب ليست الموصل وليست الرقة، إن كان من حيث العدد السكاني الضخم فيها، أو من حيث النخب الثورية فيها، والحاضنة الاجتماعية فيها، وكذلك لا يوجد تنظيم الدولة فيها، وكان موقف المجلس الإسلامي مميزًا في الدفاع عن إدلب، ورفض تهديدها بسبب هيئة تحرير الشام، على الفصائل أن تدرك أن لحظة الحقيقة دنت، وعليهم أن يتعالوا على الجراح، وأن يُعلنوا بصوت واحد رفضَهم لكل هذه التهديدات، ويوقِّعوا على اتفاقية دفاع مشترك، وعلى الكل أن يتنازل، فالتاريخ لن يرحم كل من وقف مع أعداء الشعب والثورة.