حقوق الإنسان وتقرير الانتخابات النيابية

حقوق الإنسان وتقرير الانتخابات النيابية
property="content:encoded">

 

رغم تأخر المركز الوطني لحقوق الإنسان بإصدار تقريره حول الانتخابات النيابية الماضية، والتي مضى عليها سبعة أشهر، فإنه تضمَّن نقاطًا تستحق التأمل والوقوف عندها طويلًا، لعلَّنا نستطيع أن نتجاوزها في المستقبل، وبالأخص في انتخابات المجالس البلدية والمحلية التي ستجري في أواسط أغسطس/آب المقبل.

أولى تلك النقاط، أن هذا المركز الذي يتمتع باستقلال مالي وإداري، رفض أو تحفَّظ بطريقة أو أخرى إطلاق صفة "حرة ونزيهة" على الانتخابات النيابية الماضية.

إن التصريح بمثل هذا الكلام من مركز له وزنه وقدره، مؤشر خطير على أن الديمقراطية في بلدنا يلزمها الكثير، وينزع عن الانتخابات النيابية الأخيرة أهم صفة ألا وهي النزاهة والحيادية، التي لطالما تغنَّى بها المسؤولون طوال الفترة الماضية، وإن كنا نعتقد أن إطلاق عدم النزاهة على العملية الانتخابية بمجملها فيه ظلم وإجحاف.

وثانية النقاط، هي إقرار المركز بأن التأخر بإصدار التقرير كان لأسباب خارجة عن إرادته مع تأكيده أن 95% من معلومات التقرير كانت جاهزة للنشر وإطلاع الرأي العام عليها، مباشرة، بُعيد انتهاء العملية الانتخابية وإعلان قرار محكمة الاستئناف بشأن الطعون التي تم تقديمها.

للمرء أن يتصور إلى أي درجة وصل المجتمع الأردني من عدم الثقة بمؤسسات ومراكز الدولة، وإلى أي درجة وصل استهتار واستخفاف المعنيين من مختلف الجهات بعقول المواطنين.

فإذا كان هذا المركز الوطني لحقوق الإنسان يقول إن هناك أسبابًا خارجة عن إرادته حالت دون إصدار تقرير حول الانتخابات، فكيف بتقارير وتوصيات مؤسسات ووزارات أقل قوة ونفوذًا من هذا المركز.

وثالثة تلك النقاط وأكثرها أهمية، إقرار المركز بأنه لم يستطع التمكن من الحصول على معلومات موثقة حول ما حدث في عدد من مراكز الاقتراع والفرز بدائرة بدو الوسط، ناهيك عن عدم تعاون جهات مع طلبه حول مقابلة المعنيين والاستماع إليهم، بالإضافة إلى تضارب تصريحات الهيئة المستقلة للانتخاب بشأن ذلك.

وهنا يجب الإجابة عن السؤال: لماذا تتم عرقلة عمل مركز وطني، الجميع يشهد له بالنزاهة وحب الوطن والخوف عليه، خصوصًا أن محكمة استئناف عمان أقرت أن الاعتداء على صناديق تلك الدائرة يعتبر سلوكًا مدانًا ومجرمًا.

أما رابعة النقاط، فتمحورت حول عدم قيام الهيئة المستقلة للانتخاب بمتابعة أو حسم الانتهاكات والتجاوزات والمخالفات التي ارتكبها رؤساء وأعضاء لجان انتخابية، وبالأخص يوم الاقتراع، وهنا يتبادر لذهن المواطن لماذا لم تتم محاسبة أو مساءلة أولئك الأشخاص الذين ارتكبوا تجاوزات ومخالفات، حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على العملية الانتخابية.

وما يؤخذ على المركز الوطني لحقوق الإنسان، ورغم تطرقه في تقريره الذي أصدره مؤخرًا إلى ما شاب العملية الانتخابية من اختلالات بالتفصيل، إلا أنه اكتفى بالقول من غير إفصاح إن النظام الانتخابي تشوبه شبهات دستورية، فضلًا عن انتقاده أسلوب تعامل الحكومة مع ظاهرة المال السياسي، من غير توضيح ذلك أو حتى طرح حلول للقضاء عليها.

ومن المآخذ أيضًا أن المركز تأخر سبعة أشهر لإصدار تقريره ذلك، من غير أن يستطيع أن يبتَّ بقضية "صناديق بدو الوسط"، حيث كان الأولى به أن يصدر التقرير فور انتهاء العملية الانتخابية، ويؤجل موضوع البت بهذه القضية إلى حين وضوح معالمها، إذ ستكون وقتها تأكيداته أن هناك جهات لم تتعاون معه بذلك في محلها.

بقلم: 
محمود الخطاطبة - كاتب أردني
المصدر: 
الغد الأردنية



إقرأ أيضا





تنويه: مقالات الرأي المنشورة بشبكة الدرر الشامية تعبر عن وجهة نظر أصحابها، ولا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي أو موقف أو توجه الشبكة.