
اندلعت تظاهرات في عدة مدن في محافظة إدلب اليوم الأحد طالبت الفصائل المشرفة على تنفيذ اتفاقية الزبداني – الفوعة، أحرار الشام وهيئة تحرير الشام، بالعمل على إطلاق سراح المعتقلين، ورفعت المظاهرات شعارات فيها نوع من السخط على خلفية وصول 120 معتقلًا فقط إلى المناطق المحررة في شمال سوريا، أفرج عنهم النظام السوري ضِمن الصفقة وادعى أن 630 معتقلًا من أصل 750 فضلوا البقاء في مناطق سيطرته، ليتبين لاحقًا أن المعتقلين الـ 120 غالبيتهم العظمى اعتُقلوا قبل أيام أو أسابيع فقط، ولا وجود لأي شخصيات اعتقلت على خلفية مشاركتها في الثورة.
وتعرضت الاتفاقية التي باتت تُعرف باتفاقية المدن الخمس، أو اتفاقية الزبداني – الفوعة، لانتقادات واسعة من الهيئات والمؤسسات الثورية، وتركزت الانتقادات على ما اعتبر "التفريط" بورقة رابحة بيد الفصائل، وكذلك عدم قيام أحرار الشام وهيئة تحرير الشام بنشر بنود الاتفاق بشكل واضح، وإقحام بند الإفراج عن مختطفين قطريين عند الحشد الشعبي في العراق، كما تم تداول معلومات عن تلقي الفصيلين المشرفين على الصفقة أموالًا مقابل إتمامها.
وللوقوف على ملابسات هذه الاتفاقية، وخفاياها، أجرت شبكة الدرر الشامية حوارًا صحفيًّا مع أ. منير سيال، رئيس الجناح السياسي في حركة أحرار الشام الإسلامية، وهو إحدى الشخصيات التي حضرت المفاوضات مع الجانب الإيراني وحزب الله، وأشرفت على ملف "الفوعة والزبداني" منذ مدة.
نص الحوار كاملًا:
- ماهي الأسباب والدوافع التي دفعت بكم لإبرام مثل هذه الاتفاقية؟
بدايةً نُحيي أهلنا وثوارنا من مضايا والزبداني على صبرهم وثباتهم طوال أيام الحصار ونبارك لهم وصولهم سالمين وإنهاء معاناتهم الطويلة ونرجو الله أن يحفظ من تبقى من أهلنا في مضايا ممن اختاروا البقاء في مدينتهم بعد فك الحصار عنها.
يجب التأكيد على أمر هامّ وهو أننا كنا نسعى دائمًا لتحقيق أمرين هامين من خلال المفاوضات منذ انطلاقتها في أواخر 2015 الأول: تثبيت المدنيين السوريين بمختلف انتماءاتهم في مناطق سكنهم، والثاني: إخراج أكبر عدد من الأسرى، وفي هذا السياق ومع تجدد المفاوضات في أواخر 2016 قدمنا سيناريوهات متعددة بشروط أفضل وسقف أعلى، وكان هناك قبول مبدئي من الطرف الآخر، ولكن اختلاف وجهات النظر بيننا وبين "جبهة فتح الشام سابقًا" التي تشاركنا الجبهات في الفوعة ضيع الفرصة على الثورة لتحقيق اتفاقية أفضل بتكلفة أقل، اتفقنا على ضرورة الوصول لتفاهم حول ملف الفوعة ولكن اختلفنا في ترتيب الأولويات.
لقد كان للظروف المأساوية التي تعانيها مدينتا مضايا والزبداني دور أساسي في تسريع الوصول إلى اتفاق ينقذهم كما أن جمود الملف لتأخر الوصول إلى تفاهُم مع "جبهة فتح الشام" سابقًا أدى لسقوط حي الوعر المحاصر في حمص مما قلص من إمكانية تحقيق مكاسب حقيقية.
- هل هناك بنود بالاتفاقية لم يُكشَف عنها بعد؟
بنود الاتفاق بين جيش الفتح والحزب لا تختلف سوى في الصياغة عما نشر في الإعلام ونحن جاهزون لعرض الصورة الأصلية للاتفاق.
- هناك نقد كبير لكم بسبب إبرامكم اتفاقية لا تراعي كافة المناطق المُحاصَرة ما سبب ذلك؟
نحن حرصنا على ذلك، ومسودة الاتفاقيات الأولى كانت تشمل الوعر، وجنوب العاصمة بالإضافة إلى منطقة مضايا والزبداني وما حولها، ولكن خسرنا الكثير من الوقت في التفاهم حول أولويات ملف التفاوض مع "جبهة فتح الشام سابقًا" هيئة تحرير الشام حاليًّا.
وأحب أن أؤكد مرة أخرى: أن وضع أهلنا في الزبداني ومضايا بلغ مرحلة صعبة جعلتنا نقبل بالاتفاق رغم إدراكنا بأنه دون مستوى طموحاتنا.
وأحب أن أؤكد مرة أخرى: أن وضع أهلنا في الزبداني ومضايا بلغ مرحلة صعبة، ومن كان على اتصال بأهالي الزبداني ومضايا يدرك ذلك جيدًا؛ في الزبداني مثلًا ١٥٠ مجاهدًا من أبناء المنطقة في مساحة لا تتجاوز مئات الأمتار يحاصرهم النظام والميليشيات كل هذه الظروف جعلتنا نقبل بالاتفاق رغم إدراكنا بأنه دون مستوى طموحاتنا.
- ما سبب عدم اشتراط أسماء محددة من المُعتَقلين لإخراجهم؟
ملف الأسرى من الملفات الشائكة والمعقدة، وتوقيت ربطه بملف الفوعة كان مرهقًا جدًّا لضغط الوضع الإنساني في مضايا والزبداني فالنظام المجرم لا يزال يتجاهل هذا الملف ولا يكترث لمبادلة أسراه لدى مختلف القوى الثورية.
وأما البند المتعلق بالأسرى بحسب الاتفاقية فهو جزء من المرحلة الثانية، ويقضي البند بإطلاق سراح ١٥٠٠ أسير من سجون النظام من المعتقلين على خلفية أحداث الثورة.
وما كان في المرحلة الأولى من تحقيق بعض المكاسب في ملف الأسرى هو نتيجة الضغط المستمر في التفاوض وأثناء الاستعداد للتنفيذ حيث قمنا ببعض التعديلات على ملف الأسرى أملًا في تحقيق مكاسب أكبر في المرحلة الأولى.
ملف الأسرى يحتاج نفسًا طويلًا وأوراق ضغط، وبعد أن انتهت معاناة أهلنا في الزبداني ومضايا أصبح المجال متاحًا أمامنا لتحقيق مكاسب أقوى بإذن الله تعالى.
- ما هي علاقة الإفراج عن المختطفين القَطَريين بالاتفاق؟ وهل هذا الشرط كان من أهم الدوافع لإبرامها؟
لم يكن شرط المختطفين أساسيًّا لتوقيع الاتفاق، ولم تكن قضية المختطفين في جدول التفاوض ابتداءً، وإنما طرأت عليه لاحقًا ولا شك أنه شكل ضغطًا إضافيًّا علينا، فهؤلاء المختطفون تم اعتقالهم وابتزاز دولتهم بهم بسبب موقف الأشقاء في قطر من القضية السورية.
لقد كان التغيير الأساسي في مسار المفاوضات هو في إقحام الطرف الإيراني (عبر حزب الله) في الأشهر الأخيرة لقضية الرهائن القَطَريين الذين تم خطفهم في العراق وربط مصيرهم بمصير كفريا والفوعة بعد أن قام الطرف الإيراني بربط مصير الزبداني ومضايا بالفوعة وكفريا أيضًا.
- ما حقيقة تسلُّمكم أموالًا من الدولة الراعية؟
لم ولن تَتَسلَّم حركة أحرار الشام أي مبلغ صغيرًا كان أم كبيرًا من الأشقاء في دولة قطر لقاء الإفراج عن المُختطَفين فلا يعقل أن نتعامل مع دولة حليفة للثورة بعقلية الميليشيات.