
نظم نشطاء سوريون حملات عديدة بعضها طالب بمبادلة قائد الطائرة الحربية التابعة للنظام السوري والتي سقطت في الأراضي التركية بالضابط المنشق "حسين هرموش"، ونادت حملات أخرى برفع دعاوى ضد الطيار أمام القضاء التركي.
ومن أجل الاقتراب أكثر من حيثيات الموضوع، ومعرفة الآليات القانونية المناسبة والمتاحة أمام السوريين للتعامل مع الحادثة، توجهت الدرر الشامية إلى الباحث في القانون الدولي د. أحمد قربي وأجرت حوارًا معه حول القضية.
في جوابه عن إمكانية رفع دعوى على الطيار المجرم أمام القضاء التركي، أكد الدكتور أحمد أن القانون الجزائي التركي يتبنى مبدأ "الاختصاص العالمي"، أي ممارسة الولاية القضائية الجزائية الداخلية على مرتكبي الجرائم الدولية دون اشتراط توافر أي ضوابط تربط المتهم بالدولة التركية، بما في ذلك عدم اشتراط وجوده على الأرض التركية، كما أن القانون التركي ينص على تجريم أفعال الإبادة وجرائم ضد الإنسانية بحسب المواد (76- 77)، إلا أنه في الوقت ذاته، يمنع المحاكم التركية من متابعة مرتكب هذه الجرائم ومحاكمته وفق "مبدأ الاختصاص العالمي" في حال عدم تجريم هذه الأفعال والعقاب عليها بحسب قانون الدولة المرتكبة عليها الجريمة، والمقصود في حالتنا هذه الدولة السورية، وهذا ما يسمى "شرط ازدواجية التجريم".
وأضاف: بناء على ذلك، يحق -من حيث المبدأ- لذوي المصلحة، (الضحايا والمتضررين من قصف هذا الطيار)، رفع دعوى جزائية عليه أمام القضاء التركي بدعوى ارتكابه جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة الجماعية في سوريا، غير أن استمرار الدعوى والنجاح في محاكمته سيتوقف على أمرين اثنين، هما:
1- رفع دعوى جزائية على الطيار المجرم أمام القضاء التركي بأسرع وقت، والمباشرة بإعداد ملف قانوني احترافي من قِبل فريق حقوقي سوري، يوثق جرائم هذا الطيار بالذات بوصفه فاعلًا لها، إضافة إلى إمكانية محاسبته كمُحَرِّض أو مُتَدخِّل على ارتكاب جرائم وقعت من طيارين يخدمون في ذات المطار، كل ذلك شريطة وجود أدلة توثق ارتكاب هذا الطيار تحديدًا لهذه الجرائم؛ مراعاةً لمبدأ شخصية العقوبة.
2- إثبات أن القانون السوري النافذ يعاقب على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة، خصوصًا أن سوريا طرف في معاهدات جنيف الأربع لعام 1949 والبروتوكولات الإضافية الملحقة بها لعام 1977.
كما نوه الدكتور أحمد ببقاء احتمالية تسليم الطيار المجرم إلى النظام على الأقل من الناحية السياسية، وأوصى بالضغط الإعلامي والقانوني من أجل إبعاد هذا الأمر مع التحضير للطعن بقرار التسليم في حال حدوثه، من منطلق أن الدولة التركية لا تعترف بشرعية النظام السوري منذ فترة طويلة، مقابل اعترافها بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة كممثل للشعب السوري، وبالتالي فإن النظام لا يعد سلطة شرعية حتى تتعامل معه الدولة التركية.
وكانت السلطات التركية عثرت، صباح الأمس الأحد، على قائد الطائرة الحربية التابعة للنظام السوري والتي سقطت في تركيا أمس الأول، واعتبرت الحكومة التركية أنه من المبكر الحديث عن تسليم الطيار وأجلت البَتّ بالأمر إلى حين الاطلاع على كامل التفاصيل.