
محمد محسن وتد
يعتبر مشهد اقتحام الجماعات اليهودية للمسجد الأقصى تصعيدا نوعيا غير مسبوق، حيث تسعى هذه الجماعات إلى فرض وقائع على الأرض لتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود أسوة بالحرم الإبراهيمي في الخليل، إذ بات تدنيس المسجد يتكرر بشكل شبه يومي بسبب غياب المواقف العربية والإسلامية الحازمة عن هذا التصعيد المدعوم بفتاوى الحاخامات المحمومة.
وكانت الانتفاضة الفلسطينية الثانية قد ردعت إسرائيل والجماعات اليهودية من مواصلة هذه الاقتحامات، حيث حظرت شرطة الاحتلال على اليهود -طوال الأعوام الخمسة التي تلت الانتفاضة- دخول الأقصى، لكن عام 2005 شكّل نقطة تحول في نهج إسرائيل التي استغلت الظروف الإقليمية ومواقف العرب الخجولة لتسمح لليهود باقتحام الأقصى.
من جهته، ناشد الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية بالداخل الفلسطيني العالم العربي والإسلامي الخروج عن دائرة الصمت، والانتقال من الشجب والاستنكار إلى الأفعال والدعم بموقف موحد وجادّ لتحرير القدس والأقصى من الاحتلال، مؤكدا أن إسرائيل تتصرف بموجب مواقف الطرف الآخر.
واستشهد الخطيب في حديثه للجزيرة نت بالرباط المتواصل لفلسطينيي 48 وأهالي القدس والصدام مع قوات الاحتلال وصد اقتحام الجماعات اليهودية للأقصى، حيث حظي في هذه المرحلة بمساندة موقف شعبي ورسمي أردني وصل إلى مطالب برلمانية بطرد سفير إسرائيل لدى عمان وقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، وهو موقف اتخذه أيضا مجلس الشورى المصري، مما دفع دولة الاحتلال إلى منع الجماعات اليهودية من اقتحام شعبي واسع للأقصى، حسب قوله.
ملامح وخصائص
واعتبر الخطيب مواقف وتصريحات رئيس الكنيست يولي أدلشتاين ومطالب وزراء ونواب من أحزاب اليمين بالسماح لليهود باقتحام الأقصى ودخوله بحرية، بمثابة غطاء سياسي للحراك الشعبي الإسرائيلي لمواصلة اقتحامات المسجد، وذلك مع اشتداد التنافس بين القيادات السياسية من مختلف الأحزاب عبر تصريحات متطرفة تشجع إقامة الشعائر التلمودية في ساحات الأقصى، خصوصا أن القيادة الإسرائيلية وظفت مشاهد القدس المحتلة بتغييب الأقصى واستبداله بالهيكل المزعوم في حملتها الانتخابية.
وكشفت حالة الاقتحامات التي تحركها جمعية "ائتلاف منظمات الهيكل" عن ملامح انسجام الإرادة السياسية مع التوجه الشعبي الإسرائيلي، فالدعوات "للحج اليهودي" عبر الاقتحام الجماعي للأقصى احتفالا بعيد "الشفوعوت" (نزول التوراة) وتشجيع الأطفال والشبيبة على الاقتحام تحت مخطط "احتفال الأطفال في جبل الهيكل"، تلتقي مع فتاوى الحاخامات التي باتت تجيز لليهود الصلاة في ساحات الأقصى.
وبدوره، أكد مدير دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس المحتلة الشيخ عزام الخطيب للجزيرة نت أنه لا يمكن جغرافياً ولا ديمغرافياً تقسيم الأقصى على غرار المسجد الإبراهيمي حتى إن حاولوا فرض وقائع على الأرض، حيث يتم إحباط هذه المحاولات والتصدي لها شعبيا ورسميا باعتبار المسجد وساحاته حقا خالصا للمسلمين، حسب قوله.
وقال الخطيب إن الاقتحامات الاستفزازية للجماعات اليهودية وما يرافقها من تصريحات متطرفة للقيادات الإسرائيلية، وتأجيج الأوضاع عبر تمكين اليهود من أداء الصلاة في ساحات الأقصى، كلها عوامل تنذر بتفجير الأوضاع لتكون شرارة أولى قد تشعل المنطقة العربية، وهذا ما أيقنته إسرائيل عبر الرسائل التي قدمتها الخارجية الأردنية والديوان الملكي الأردني إلى سفير تل أبيب بعمّان.
رسائل وضغوط
وشدد مدير دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس على أن الدائرة تتواصل بشكل دوري مع الحكومة الأردنية والديوان الملكي اللذين يبديان اهتماما بالغا برعاية القدس والمقدسات.
وأضاف أن الرعاية الهاشمية للأقصى والمقدسات بموجب اتفاقيات دولية لا يجوز تجاوزها أو الإخلال بها، وأن إسرائيل فهمت ما ترمي إليه الرسالة من أن مواصلة الاقتحامات ستقابل برد فعل أردني رسمي قوي وحازم.
وخلص الخطيب إلى القول بأن الحكومة الأردنية التي لها حق الرعاية والوصاية على المقدسات في القدس تواصل مناهضة نهج الاحتلال، كما تضغط لتسليمها مفاتيح باب المغاربة لتكون لدائرة الأوقاف السيادة على جميع بوابات الأقصى، حيث تسمح إسرائيل للجماعات اليهودية والسياح الأجانب بالدخول عبر هذا الباب.
نقلاً عن الجزيرة